الأحد، ٧ سبتمبر ٢٠٠٨

اضبط نفسك!

اضبط نفسك!

يتحدث الناس عن الصحة وعن طول العمر. ويختلف الناس في الأسباب. أسهل الأسباب أن يقال إن الأعمار بيد الله، ولكن الناس لا يتوقفون عند هذا السبب، وإنما يبحثون عن الأدوية التي تجعل الإنسان أصح وأطول عمراً..

والناس في ذلك مدارس متعددة التفكير.. أناس يرون أن الصحة كالمرض سببها الأكل والشرب.. فحياة الإنسان وموته في معدته.. والذي يأكل كثيراً يمرض كثيراً والذي ينتقي الطعام القليل يصبح أحسن جسماً وأهدأ نفساً..

وأناس يقولون إن الحالة النفسية هي السبب والطعام له أثر على الحالة النفسية أو الحالة النفسية لها أثر على الطعام.. وصاحب المزاج الهادئ هو صاحب المعدة السليمة.. وصاحب الأعصاب الحادة هو صاحب المعدة المريضة وقرحة المعدة والأمعاء والضغط والانهيار والذبحة والجلطة..

وأناس يقولون: إن المرض معاناة اختلال في نظام الجسم، ولذلك فالنظام هو صحة الجسم، فالذي له مواعيد معروفة في الأكل والشرب والنوم والعمل هو أميل الناس إلى الصحة الجيدة.. وأكثر الذين يمرضون تتحسن صحتهم لأسباب من بينها أن هذا المريض عرف النظام في الأكل والشرب لأن الدواء يجب أن يؤخذ في مواعيد محددة.. فانتظام الأكل هو تنظيم للغدد والإفرازات في الجسم كله ويكفي أن تنظر إلى الرجل عندما يفصل من عمله أو يحال إلى المعاش أنه يمرض، وأهم أسباب المرض: الاختلال في النظام اليومي لنشاطه النفسي والجسمي. وأناس يرون أن الإنسان كسول بطبعه ولذلك يجب أن تتولى العقاقير عملية تنشيط تجديد الخلايا.

ولم يختلف الأطباء على أن أحسن علاج لكل الأمراض هو الاعتدال.. أي ضبط النفس.. وأصعب شيء أن تضبط رغباتك ونزواتك وانفعالاتك، أي أن تكون متوازناً. ولأننا نعيش في عصر مثير للأعصاب، وملهب للأمعاء ومحرق للدماء، فإن الاعتدال هو أول ضحايا حياتنا الحديثة.. ولذلك قصرت أعمار الناس، وسوف تقصر بمرور الوقت، وكلما تقدمنا واقتربنا من الكواكب الأخرى.

فإذا استطعت أن تعيش في المدينة بأعصاب عمدة على مصطبة الفلاحين فأنت أطول الناس عمراً!

iGoogle

الواردة من القاهرة تفيد بأن سكان حي منشية ناصر الذي شهد انهيارا صخريا خلف عشرات القتلى والجرحى، قد اشتبكوا مع رجال الشرطة بسبب غ
iGoogle
Blogged with the Flock Browser

مقال الدكتور علي سعد الموسى


كتاب اليوم
علي سعد الموسى
مجتمع في حالة جمود: نماذج ظلم متكررة
طوال حياتي، مع الكتابة أو خارج أسوارها، وقفت مثل أي منكم مع عشرات الحالات من نماذج الظلم الاجتماعي: بعد أربعين عاماً، بل أكثر، ما زلت أسترسل في قراءة هذه النماذج فألمسها واقعاً تبدلت فيه الوجوه لكن المجتمع لم يتحرك قيد أنملة واحدة كي تكون هذه النماذج في عالم الماضي. تزداد قناعاتي أن المجتمع الخامل هو من يقف اليوم على حالة ظلم مشابهة لتلك الحالة قبل أربعين سنة فلم يتحرك لها بالقوانين ولا بقوى الضغط أو جماعات العمل المؤسساتي الأهلي التطوعي. بدأت طفولتي حافي القدمين لا يبهرني شيء مثل رائحة الخبز الساخن ولكن في كنف والدين حنونين أسبغا علي وإخوتي من العاطفة ما أنسانا تماماً وطأة الحاجة ولكن: ما زال على أطراف القرى تلك، عشرات الأطفال الذين قد لا ينبهرون اليوم برائحة الخبز ولكنهم تحت وطأة الحاجة النوعية يشكلون مشتلاً مثالياً للتطرف أو الشذوذ أو عمالة التهريب والتخريب. شحذت لهم طوب الأرض وتوسلت بعض الأسماء الثرية من تلك التي نبعت من تلك القرى أو تعود إليهم لتبني مركزاً ثقافياً أو مكتبة تحمل لهم اسماً من بعيد الرحيل ولكنهم آثروا رائحة البعارين وبهائم الأنعام ظناً منهم أنها وحدها من يشكر. كلما شاهدت من هؤلاء طفلاً تذكرت طفولتي ولكن: كان زمننا نظيفاً بريئاً لم نكن نخشى فيه تأثير قناة فضائية للمجون أو استغلال - متشيخ - يحضهم على جهاد لا يعرفون فيه تحت أي راية سيقتلون أو حبة تخدير من الكبتاجون في قرية لم يكن فيها على الإطلاق حبة من البنادول. كانت أعتى جرائمنا أن تسرق علبة كبريت من جوار تنور، واليوم، تزخر محافظتي مثلما هي كل محافظاتكم بعشرات البلاغات عن مئات البيوت المسروقة فمن ذا الذي فيكم يستطيع أن يعترض سارقاً لا خوفاً من كيمياء الفطرة في جسده بل إضافات الهيروين والكبتاجون. قبل أربعين عاماً كنت أرقب دموع أرملة تتوسل والدي أن يتوسط لها كي تشاهد ابنتيها من زوج سابق حرمتهما تقاليد القبيلة من أن تنعما بحنان أم حتى ولو لأسبوع في العام ومن يصدق أنني أكتب اليوم تحت دموع ابنتها تلك التي تعيش أسطوانة أمها حذو القذة بالقذة لأن دوائر الحرمان تعرف طريقها إلى ذات الوجوه التي لا تنكر. أربعون عاماً خلت بين مأساتين لأم وابنتها، وكلتاهما أرادتا رؤية طفلين من زواج سابق وما زال القضاء على ذات تقاليد الحضانة وإضبارة ذات الأحكام في دفاتر الضبط. بين أربعين عاماً لم نحرك ساكناً من أجل آلاف الأطفال الذين يسامون سوء العذاب بين أم راحلة وبيوت من قسوة. تحركنا أحياناً بعض قصص المأساة تلك التي طفت على السطح وما خفي كان أعظم.قبل أربعين عاماً كنت أعرف تلك العائلة الفقيرة من أب وأم وأحد عشر طفلاً: كان معدل الإنجاب - لآل أحمد - طفلاً أجزم أنه يتكرر صورة كربونية كل عشرة أشهر. قبل شهر مضى، عادت بي دورة الزمان على أبواب ابنهم الأوسط لنسأل عن الحال وفاء لصحبة الطفولة ثم اكتشفت بعد أربعين عاماً أن أحمد - يكربن - ذات مأساة أبيه: 17 طفلاً يتراقصون بين قدميه من زوجتين فيما كل طفل يلبس البالي الذي كان على ظهر أخيه الأكبر منه بعام. السبب أن المجتمع الخامل الكسول لا يعي حتى اللحظة معادلة الإنجاب المرتفعة لدى الفقراء والأميين. كلما ازدادت العائلة جهلاً وفقراً ازدادت لديها نسبة الإنجاب وهم في هذه الحالة إنما ينتجون قنابل التشرد دون توعية اجتماعية طالما أن المسألة في دائرة - التابوه - فيما الضحايا بالضبط هم هذه الوجوه من البسطاء المعدمين الذين يحلمون برائحة اللحم أو ريال الفسحة المدرسية أو حتى برجوازيتي قبل أربعين عاماً حين كان للخبز الساخن من يد والدتي - يحفظها الله - رائحة تدعو للإبهار. قبل أربعين عاماً بالضبط كان قاموس مجتمعي معدماً فقيراً من مفردات حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة ومن مصطلحات تنظيم الأسرة وحق الفرد في الصحة والتعليم. اليوم، توجد مثل هذه المصطلحات ولكن في بطون الورق ونخبوية المثقف ولكن دون عمل مؤسساتي أو حراك قانوني يضمن رفع الحيف والظلم والاضطهاد. مجتمع يحمل اليوم كل صورتين متناقضتين: برجوازية القرن الحادي والعشرين وثرائه الفاحش وفقر العصر القروسطي. سيدة تبحث عن مربية تعلم أطفالها فنون الإتيكيت وأخرى تبحث عن ابنتها من زواج سابق عبر نخوة شيخ القبيلة لا القانون. أربعون عاماً وذات الأنموذج يتكرر بالمطابقة على طرفيها بلا فارق. حين لا تصنع المجتمعات الفرق فهي تأخذ حالة أو اثنتين من حالات المادة: الغازية أو المتجمدة.

الأربعاء، ٢١ مارس ٢٠٠٧

جريدة الرياض


جريدة الرياض اليومية
الاربعاء 2 ربيع الأول 1428هـ - 21 مارس 2007م - العدد 14149
حول العالم
الحجر الأسود هل هو ألماس فضائي أسود؟
فهد عامر الأحمدي
هناك أحاديث نبوية كثيرة تفيد بقدوم الحجر الأسود - الموجود في الكعبة - من خارج الفضاء الخارجي؛ فقد جاء عن عبد الله بن عمر أنه قال : "نزل الركن الأسود من السماء فوضع على (جبل) أبي قبيس كأنه مهاة بيضاء - أي بلورة - فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم".. وجاء عن ابن عباس أنه قال: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم".. كما قال عنه صلى الله عليه وسلم "الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب"... ومن مجمل هذه الأحاديث نفهم أن الحجر الأسود نزل من الفضاء - وتشكل خارج الأرض - وسقط على جبل أبي قبيس في أطراف مكة...
وهذه الحقيقة تذكرنا على الفور بنوع فريد من النيازك الفضائية يدعى الألماس الأسود (ويعرف في علم الجيولوجيا باسم Carbonados) .. وهذا الألماس شديد الصلابة يتميز داخله بالبياض الناصع في حين يغلف خارجه بطبقة سوداء محترقة ( أشبه بالزجاج الذائب).. ومن المعروف أن الألماس يمكن أن يتكون في الفضاء الخارجي - كما يمكن أن ينفصل مباشرة من الأجرام السماوية البعيدة -. وحين ينزل الى الأرض تحترق طبقته الخارجية (بسبب احتكاكه السريع بالغلاف الجوي) فيتشح خارجه باللون الأسود الصقيل. وهذا النوع من النيازك أكثر ندرة بآلاف المرات من الألماس الأرضي - والمعروف منه حتى الآن اكتشف على مدى زمني طويل في أفريقيا والبرازيل!!
... وقبل أيام فقط كنت في مكة المكرمة حين تشرفت بالسلام على الحجر الأسود فتذكرت (في اللحظة التي أدخلت فيها رأسي) أوجه الشبه بينه وبين هذا النوع من الألماس.. فبالإضافة لتشابه البنية الجيولوجية للطرفين أقرت الأحاديث النبوية (السابقة) بالأصل الفضائي للحجر الأسود. ورغم صعوبة وصف بنيته الداخلية (كونه مثبتاً في جدار الكعبة منذ قرون) إلا أن هناك أخباراً تاريخية تفيد ببياضه من "الداخل". فما يظهر للناس الآن هو رأس الحجر المكون من عدة قطع متلاصقة (رأيتها عيانا) مغطاة بمعجون أسود صلب يشعر به كل من يلمسه ويقبله.. وفي مناسبات تاريخية قليلة رأى الناس جرمه الداخلي حين اقتُلع على يد "جرهم" ثم "إياد" ثم "العمالقة" ثم "خزاعة" وتحدث من رآه عن شبهه بالبلورة الكبيرة - أو المهاة البيضاء كما جاء في الحديث السابق - .. وكان "القرامطة" آخر من أقتلع الحجر الأسود من الكعبة عام 317ه فرآه الناس واتفقوا على وجود السواد في رأسه وبياض جسمه الداخلي (وذكر ذلك فقيه من القرن الرابع عشر يدعى محمد بن نافع الخزاعي)!
.. أما بخصوص نزوله من الجنة؛ فرغم أن الأحاديث التي جاءت بهذا الشأن هي أحاديث آحاد لم تبلغ درجة التواتر إلا أنه (حتى الصحيح منها ) لا يفيد بتعارض نزوله من الجنة أو السماء مع أصله الفضائي أو طبيعته النيزكية..
... وفي جميع الأحوال؛ لا ننسى أن الأصل في العبادات هو إذن الله بفعلها بصرف النظر عن أصلها أو الحكمة من فعلها.. والحجر الأسود أيا كان أصله أو المكان الذي أتى منه فقد قَبَّله رسول الله وأمر الناس بتقبيله - وشأننا في ذلك شأن عمر بن الخطاب الذي قال "إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله قبلك ما قبلتك"!!
Fahmadi@alriyadh.com
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2007/03/21/article234736.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة اليمامة الصحفية 2007تصميم وتطوير وتنفيذإدارة الحاسب الالي - قسم الإنترنت
window.print();

السبت، ١٠ مارس ٢٠٠٧

خطباء وزعماء


خطباء وزعماء!

عبد الله باجبير - 21/02/1428هـ
Abdullah@bajubeer.comتحول خطباء بعض المساجد إلى زعماء .. تركوا الدين واشتغلوا بالسياسة .. فأفسدوا الدين وأفسدوا السياسة معا!!والمسجد ليس استاد كرة .. ولا هو ملعب تنس .. ولا سوبر ماركت ولا مجلس محلي .. ولا منبر سياسي .. المسجد مكان للعبادة .. والوقوف به له شروط شرعية يجب اتباعها .. فإذا اختلت هذه الشروط ضاع دور المسجد، وضاع الخطيب .. المسجد للصلاة .. والصلاة ليست محل اجتهاد الإمام والخطبة ليست محل اجتهاد الخطيب.إن الدور الخطير الذي يقوم به الخطيب يجب أن يكون موضع تدقيق فلا نترك له الحبل على الغارب كما حدث لخطباء وفقهاء الفضائيات الذين يمرحون على الشاشة فيقولون ما لا يفعلون .. ومنهم خطيب شهير جهير يهاجم "أمريكا" ليل نهار ويتهمها بالعصف بالقيم والأخلاق .. وفي الوقت نفسه فإن اثنتين من بناته تتعلمان في أمريكا.ويقول الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد .. إن المساجد مكان عبادة وهي بيوت الله لجمع الكلمة ووحدة الصف .. لا مصدر تفرق وتناحر وبلبلة ونشر الضغينة بين أفراد المجتمع .. وكلما أحب الناس الإمام نهض المسجد بدوره .. فإن تحولت وظيفة المسجد إلى غير وجهها الشرعي تسببت في فتنة عظيمة.ويتطرق الدكتور السديري إلى مفهوم "الإمامة عبادة" أي مبنية على النص من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال عليه السلام إن قصر الخطبة من فقه الخطيب .. ولكننا نرى اليوم الخطباء يطيلون فيها لدرجة أن كثيرين من المأمومين يخرجون وقد تبخرت كلماته من آذانهم وخير الكلام ما قل ودل.وحذر الدكتور السديري من المعلومات الشرعية المستقاة من الإعلام والإنترنت فليس كل شخص يستقى منه.لذلك كله أصدرت الإدارة العامة والعلاقات العامة للإعلام في الوزارة والتي أعدها الدكتور السديري في إطار التوجيهات العامة للأئمة والخطباء وقد شملت اثني عشرة قضية تتعلق بوظيفة إمام المسجد ودور الخطيب والالتزام بالضوابط المحددة .. وغير ذلك مع مراعاة حاجات الناس لا مراعاة رغباتهم .. وموقف الخطيب من الأحداث التي تمر بها البلاد ثم نظرة الخطيب إلى المجتمع.وأخيرا على الأئمة والخطباء مراعاة حالات المصلين ومدى إنصاتهم وتفاعلهم مع الخطيب لتحقيق الفائدة المرجوة .. وألا يسهبوا في التشاؤم والترهيب إنما النصح باللين وألا ينظر للمجتمع نظرة سوداء فالشر موجود والخير موجود.وهذا كله مفيد ومهم وجميل .. ولكن الأفيد والأهم والأجمل .. المتابعة والتنفيذ.

الجمعة، ٩ مارس ٢٠٠٧

ضياع المفاتيح 2


عود على بدء
بعد مرور عدة أسابيع على تسليم المفتاح الضائع لشرطة مدينة كاردف، كما ذكرت في الحلقة السابقة، تسلمت رسالة من مركز الشرطة. قلت يا ساتر. حدث ما كنت أخشاه. عادوا للاتصال بي. فتحت المظروف لأقرأ هذه السطور: «لقد قمت بتسليم مفتاح لهذا المركز. وقد مضت الآن مدة الشهر المنصوص عليها في المادة 65 من قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 وتعديله بذيل القانون 85 لسنة 1913، من دون أن يتقدم أحد للأدعاء بملكية المفتاح المذكور والمطالبة به تحريريا أو شفويا، وبالاصالة أو الوكالة أو النيابة. وعليه وبموجب قانون تعديل ذيل القانون المشار اليه أعلاه والنظام الصادر بموجبه بتاريخ 5 ابريل 1925 وتعليمات مديرية الشرطة العليا الموجهة الينا بتاريخ 17 مايو1929 فيسرنا أن نعلمكم بأن المفتاح المذكور الذي عثرتم عليه على طريق بريكن الريفي، قد اصبح ملككم الخاص. يرجى حضوركم لهذا المركز خلال مدة لا تتجاوز اسبوعين لتسلم المفتاح المذكور والتوقيع في السجل بدخوله في عهدتكم».
يعني ذلك بعبارة أخرى قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلمه. بيد أن ملاحظة في اسفل الرسالة افرجت عني، وانقذت الموقف. «واذا لم تحضروا في المدة المنصوص عليها في الرسالة أعلاه، فستقوم مديرية شرطة كاردف ببيع المفتاح المذكور وتحويل مبلغ البيع لأيتام وأرامل الشرطة، بموجب مقتضيات قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 المشار اليه آنفا بعاليه، وتعليمات مديرية الشرطة العليا المؤرخة 17 مايو 1929 وبالإشارة للنظام الداخلي لجمعية مساعدة ايتام وأرامل الشرطة، الفقرة 12 من المادة 13. ويمكنكم الاطلاع على نسخة من النظام المذكور في المكتبة العامة».
قلت الحمد لله أصبحت مصدرا لرفاه أيتام وأرامل الشرطة البريطانية. وأرجو لهم كل الخير والازدهار بثمن هذا المفتاح. ولن يضيع عند الله أجر المحسنين. بيد أن ولدي نائل ثار على هذه اللامسؤولية من جانبي. لقد وعدته بالعودة لجبال ويلز إذا صدفت لي أي مهمة هناك. وذكرني بنصحي له «إذا وعدت فأوف بالوعد». وبينما كنا نتجادل في حكمة هذه الموعظة ونطاقها، وما اذا كانت تشمل قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلم مفتاح قديم صدئ لا حاجة لأي أحد به، دوى صوت أم نائل من المطبخ يولول ويدمدم «وين حطيت مفتاح السرداب ما أدري.. ؟» وتطوع نائل ليدلي بنصيحته: «ماما تذكري وين آخر مرة شفت المفتاح». وبعد عدة ثوان من التفكير العميق واستعراض أحداث الحياة قالت: «اذا الله ما يكذبني آخر مرة شفت مفتاح السرداب معي، كانت في اثناء نزهتنا في طريق بريكن الريفي.. لازم وقع مني هناك!».
وقضى الله امرا كان مفعولا. وكتب علي أن اقطع المائتي ميل ثانية الى شرطة كاردف. وهناك درس وراء هذه الحكاية، بل استغفر الله درسان. الأول اذا رأيت مفتاحا فلا تلتقطه. الدرس الثاني إذا كنت مسافرا فلا تسلم مفاتيح بيتك لزوجتك.





التعليــقــــات
سعودالمقرن-استراليا، «استراليا»، 06/03/2007
أستاذي الكريم هناك سر ربما لم تكتشفه بعد، و هو أن إغضاب أم نائل يكلف الكثير، فهل تستطيع الجزم بأن كل ما حدث لم يكن مدبرا، لعقابك على زلة اعتبرتها عابرة؟؟!ليت كل عقاب مثل عقاب أم نائل(راح يصير مثل)، كان العالم بخير.دم للجمال.
احمد بن عبدالله التويجري، «المملكة العربية السعودية»، 06/03/2007
سبحان الله ... نصيحتك لابنك نائل (ابقاه الله لك ) اثمرت وكنت انت اول واسرع المستفيدين منها.

ضياع المفاتيح 1

حذار من المفاتيح الضائعة
المفاتيح وضياع المفاتيح من متاعب الحياة . لم يحدث لي أن التقيت برجل لم يمر بها، وبما تضمنته من شجون ومفارقات ومن مضحكات ومبكيات. من المشاهد التي لا أنساها مشهد رأيته في إحدى القرى الألمانية النائية. اجتمع فيها أهل القرية بملابسهم التاريخية التقليدية حول تمثال مريم المجدلية. ثم انصرفوا كل الى ناحية. ودفعتني فضوليتي الكرخية الى سؤال احدهم عن المناسبة، أهي عرس ؟! فأشار الى رجل كئيب واقف وقال، لقد أضاع الهر شتاين مفاتيح بيته ومضى عليه يومان، وهو وأسرته ينامون في الطريق. فاستنجد بالقس وأهل القرية لعل مريم المجدلية تساعده في العثور على مفاتيحه.
محنة أليمة، ولكنها لا تدنو بشيء من المحنة التي واجهتها قبل سنوات لا بسبب فقدان مفاتيحي وإنما بسبب عثورنا على مفاتيح غيرنا. اتضح أن ضياع مفتاح أيسر من العثور على مفتاح. ثبت ذلك بعد أن عثر ابني نائل على مفتاح صغير صدئ بجانب طريق ريفي في ويلز. وكنت قد وعظته عن أهمية الأمانة والصدق: إذا عثرت على شيء فسلمه للشرطة..الخ. ووجدت في لقيته مناسبة تطبيقية فراح ليسلم المفتاح العتيق لأحد الشرطة. بيد ان الشرطي البريطاني الحريص على القانون رفض تسلمه منه باعتباره طفلا قاصرا. سأله عن ولي امره، فأجابه «أبي». فقال له: إذن فعلى والدك أن يأتي بالمفتاح ويسلمه.
استسخفت الفكرة وهممت برمي المفتاح في القمامة، ولكن فكرة مزعجة طرأت لي. ما الذي يحدث إذا وقعت سرقة ؟ ستتجه الشبهات حالا الى الرجل الذي عثر على مفتاح ولم يسلمه. ركبت القطار عندئذ وقطعت ثلاثين ميلا الى اقرب مركز شرطة في سوانزي. وهنا فتح المأمور سجلا اكبر من سجل غوانتانامو: اسمك، اسم ابيك، لقب عائلتك، متزوج أم أعزب؟ بدأت بالتضايق من كل ذلك. فقاطعت المأمور: «يا سيدي، هل كل ذلك ضروريا؟ انه مجرد مفتاح قديم صغير. ربما يعود الى ما قبل الحرب العظمى ومات اهله أو غيروا قفلهم». فأجاب: «هذا شيء ثانوي. القانون قانون ولا بد من تطبيقه. والآن عنوانك، شغلك، عنوان عملك؟ تاريخ ومحل ولادتك»... استمر بالاستجواب حتى وصل موضوع الإفادة. ما أن أدليت بها حتى وضع القلم جانبا وأغلق السجل: «يا سيدي هذا الطريق الريفي خارج منطقتنا. عليك ان تسلم المفتاح لشرطة كاردف. ارجو ان تتأكد من المنطقة اولا في المستقبل».
فكرت ثانية برمي المفتاح في الزبالة. بيد ان الشرطة أصبحت على علم به وستتضاعف شبهاتها اذا لم اسلمه حسب القانون. فركبت القطار الى كاردف. وبعد كثير من البحث اهتديت الى مركز الشرطة الذي وجدته عامرا برجال سرقت بيوتهم ونساء اغتصبت أعراضهن. أخذت مكاني حتى جاء دوري وباشروا معي: «اسمك؟ اسم عائلتك؟... الخ». وبعد ان انتهيت من الإفادة والإعادة ، تسلم المأمور المفتاح ووضعه في ظرف خاص وختم ووقع عليه. ثم طلب مني التوقيع ايضا عليه وعلى السجل واستودعني بالله: «شكرا على امانتك وسنتصل بك». أثارت الكلمتان الأخيرتان القلق في نفسي. ما الذي يتطلب المزيد من الاتصال؟ وكما سيجد القارئ في حلقتي القادمة لم يكن قلقي بدون مبرر.