الجمعة، ٩ مارس ٢٠٠٧

فرقة ولا سيادة


فرقة ولا سيادة
طالما اتهمنا الاستعمار بأنه مارس في بلادنا سياسة «فرّق تسد». وقد حاول دائماً اثارة الأخ على أخيه، وفرع القبيلة على أصلها، والمذهب على الآخر. واعطى الامتيازات لأزلامه وحجبها عن معارضيه. ومنح الرعاية لقوم، وصب الحرمان على قوم. وأغدق على أهل المدن. وحرم اهالي الداخل، والمناطق البعيدة. ولنتأمل اليوم ونقارن بين كل ما فعله الاستعمار وما فعله النظام العربي. اننا نفرّق أكثر مما فرّق بمئات المرات. وننكل بالناس ألف مرة الف مرة الف مرة اكثر مما نكل. ونفتن في الأمة الفتنة الكبرى والفتنة الصغرى ونوقظ فيها امهات الفتن. واشعل الغرائز مجنونة ومتوحشة. واحرق الارزاق. واستعبد الاحرار وذرهم سجوناً ومنافي وقهراً وعزلة. وسحب الرغيف من الافواه ولقم الناس خوفاً وذعراً وخنوعاً.
لقد دمر الاحتلال الاميركي الجيش العراقي، ودمر الوطنيون العراق الدولة والمجتمع والاخلاقيات والعلاقات البشرية. واصبحنا نرى رأس الحكومة يدافع عن مرتكبي الاغتصاب قبل ان نعرف اذا كانوا مدانين او ابرياء. وصار الوطنيون ينظفون المدن ويطهرونها من مواطني الامس واصحاب الدار. واذا غابت الشرطة حضر اللصوص من كل الصنوف والفئات. والى الفتنة الكبرى قامت الهجرة الكبرى. ولم يعرف اي زمن استعماري، حتى ايام المجاعات الكبرى، ما نعرفه الآن من هجرات جماعية. ويكاد نصف العراق يصبح في التشرد، ما بين زمن صدام حسين وزمن الاطاحة به. وابواب الامة مفتوحة أمام الخارجين ومسدودة امام العائدين. وافاقها مسدودة. وحدودها فقط مفتوحة، وكل شيء آخر مغلق: نوافذ الحرية، وأبواب الأمل، وسبل التقدم والتطور والنمو.
نحن خريطة امة كبرى تلعب بها الريح وتتربص بها العاصفة وتمزقها الاعاصير. ولم تعد النكبة الكبرى في فلسطين توازي شيئاً مما حدث في نكبة العراق من قتل وتشريد وتفقير وتنكيل. وحتى الصوت العربي غائب عن السوط العربي. أو السوط المحلي. والاكثرية الصامتة ممعنة في صمتها الاجرامي والمدمر، خائفة من قول الحق والمجاهرة به ورفض الباطل وثقافة الدمار والخراب والموت ولا شيء سوى الخراب والدمار والموت. كل منا يحمل جنسية اخرى يخبئها في جيبه استعداداً للهجرة في اللحظة الحاسمة الى الدول الاستعمارية التي ربينا على عدائها ومعاداة ثقافاتها. الدول التي اتهمناها بتمزيق خريطة الأمة واقامة الكيانات المصطنعة. وها نحن نمزق حتى تلك الكيانات. ونقف فوق جثثها ونخطب عن الوحدة ونفاخر عالياً بالحريات.





التعليــقــــات
جيولوجي/محمد شاكر محمد صالح، «المملكة العربية السعودية»، 02/03/2007
صدقت في محتوى مقالك استاذنا سمير فنحن كعرب تفوقنا على ما فعله الإستعمار في بلادنا فكم المسجونين والمعذبين والهاربين والذين يعانون في بلادهم يفوق ما يستوعبه اي عقل وذلك كله بسبب غياب مناخ الديموقراطية وحرية الراي والمشاركة في الحكم الذي ظل يمارس سياسة الوصاية على شعبه وكأنهم قطعان من الغنم لاعقول لهم تميز بين الخطأ والصواب.
nadia hayet، «سويسرا»، 02/03/2007
لقد اصبت يسلم قلمك.

ليست هناك تعليقات: