الأربعاء، ٢١ فبراير ٢٠٠٧

وضاح اليمن بين الحقيقة والخيال



منتديات صحيفة الأياممؤسسة الأيام للصحافة و الطباعة و النشر
س و ج ابحـث قائمة الاعضاء المجموعات شارك
الملف الشخصي ادخل لقراءة رسائلك الخاصة دخول
وضاح اليمن بين الحقيقة والخيال

منتديات صحيفة الأيام قائمة المنتديات -> خواطر
استعرض الموضوع السابق :: استعرض الموضوع التالي
مؤلف
رسالة
علي السقافاشترك في: 22 يونيو 2005مشاركات: 599المكان: جدة السعودية
ارسل: الخميس اكتوبر 20, 2005 7:49 pm موضوع الرسالة: وضاح اليمن بين الحقيقة والخيال

وضاح اليمن بين الحقيقة والخيال ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي ؟ مليحة عاشقاها السل والجــرب ماتت بصندوق وضّاح بلا ثمن ولم يمت في حشاها العشق والطرب كانت تراقب صبح البعث فانبعثت في الحلم .. ثم ارتمت تغفو وترتقب لكنها رغم بخل الغيث ما برحت حبلي وفي بطنها قحطان او كــرب من قصيدة البردوني اسمة : عبدالرحمن بن اسماعيل بن عبدكلال بن داذ بن ابي جمد يمني من خولان منازل شعوب حوالي صنعاء التي لاتزال تحمل هذا الاسم حتى اليوم ينتهي نسبة الى حمير فقحطان اما وضاح فلقب غلب علية في قصة ليس هنا محل ذكرها وتروي كتب الادب عن وضاح اليمن انة كان على جانب كبير من الوضاءة والصباحة واستواء التكوين وانة احد ثلاثة من العرب هم وضاح والمقنع الكنطدي وابو زبيد الطائي كانو لايخلون اسواق العرب الا مقنعين خشية العين وقد كان جمالة شبيها بجمال ابن ابي ربيعة الشاعر الغزلي المشهور ولعل وسامة وضاح هي التي جعلتة العاشق المتيم المدلل0 في حياة وضاح نساء عاش معهن حياة عاطفية لمسنا اثارها في شعرة اولهن امراة يمنية هي روضةبنت عمرو من كندة وقد نظم فيها شعرا كثيرا ولم يتزوجها ولكن اشتهرت تلك العلاقة التي كانت بينة وبين بام البنين زوجة الخليقة الاموي الوليد بن عبدالملك والتي قتل بسببها حيث ابلغ احد العبيد الخليقة ان وضاح في غرفة ام البنين وكانت قد وضعتة في صندوق لتخفية فاخذ الخليقة الصندوق ودفنة ووضاح في داخلة0 لوضاح قصائد تاثر بها بقصائد امريئ القيس منها قول وضاح سموت اليها بعدما نا م بعلها وقد وسدتة الكف في ليلة الصرد اشارت بطرف العين اهلاومرحبا ستعطي الذي تهوى على رغم من حسد الست ترى من حولنا من عدونا وكل غلام شامخ الانف قد مرد فقلت لها ان امرؤ فاعلمنة اذا ما اخذالسيف لم احفل العدد وهي شبيهة لقول امريء القيس سموت اليها بعدما نام اهلها سمو حباب الماءحالا على حال فقالت سباك اللة انك فاضحي الست ترى السمار والناس حولي ايقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كانياب اغوال ولة في روضة قصيدتة الحوارية الجميلة التي قال فيها الدكتور طة حسين في كتابة حديث الاربعاء الجزء الاول هي اول قصيدة حوارية قالت الا لا تلجن دارنا ان ابانا رجل غائر قلت فاني طالب غرة منة وسيفي صارم باتر قالت فان القصرمن دوننا قلت فاني فوقة ظاهر قالت فان البحر من دوننا قلت فاني سابح ماهر قالت فحولي اخوة سبعة قلت فاني غالب قاهر قالت فليث رابض بيننا قلت فاني اسد عاقر قالت لقد اعييتنا حجة فات اذاماهجع السامر واسقط عليناكسقوط الندى ليلة لاناة ولازاجر عاش وضاح في عصر الدولة الاموية وهو عصر ازدهر فية الادب ازدهار تعددت فية مواضيعة واختلفت فية اتجاهاتة ومدارسة وكان فية شعراء السياسة والهجاء مثل جرير والفرزدق والاخطل وعدي بن الرقاع وغيرهم كما ظهر فية الشعراء الغزليين والعذريين امثال عمروبن ابي ربيعة وابن قيس الرقيات والعرجي وجميل بثينة وكثير عزة وغيرهم كثير0 الاسطورة والخيال عاش وضاح حياة كانها اسطورية او خيال فقد احاط الغموض في حياتة وكذ لك ظروف مماتة ولاتكاد تجد وضوحا لحياتة في سير الادب كالبقية من زملائة الشعراء ولعل مرد ذ لك الى العصبية القديمة بين القيسية واليمانية بحيث يجد شاعر الحجاز مالايجدة شاعر اليمن من العناية اضفة ان اليمن كانة تتبع مذهب شيعة علي بن ابي طالب وعدوا للبيت الاموي وقصتة المشهورة مع ام البنين مما جعل الرواة يتحفضو في نقل شعرة واعمالة خوفا من البيت الاموي حتى ان قصتة مع ام البنين لم تكتب الا في العصر العباسي ويبدو ان موجة الفتح دفعة بوضاح الى الشام ولكنة ضل يحن الى روضة ابت بالشام نفسي ان تطيبا تذكرت المنازل والحبيبا تذكرت المنازل من شعوب وحيا اصبحو قطعو شعوبا وضاح وام البنين للموضوع بقية علي السقاف جدة
انتقل الى الاعلى

');
//-->


علي السقافاشترك في: 22 يونيو 2005مشاركات: 599المكان: جدة السعودية
ارسل: الخميس اكتوبر 27, 2005 11:16 am موضوع الرسالة: تكملة لقصة وضاح اليمن 2

تكملة لقصة وضاح اليمن 2 وضاح وام البنين كما ورد ت في بعض المراجع ام البنين هي بنت عدالعزيز بن مروان وزوجة الوليد بن عبدالملك – الخليفة الاموي – وكانت جميلة فاستاذ نت زوجها للحج فاذن لها ولما بلغت مكة كن سافرات يتعرضن لشعراء الغزل من اهل الحجاز - هي وجواريها الحسان – وكان الوليد قد توعد من تغزل بزوجتة او جواريها ولكنها – كما يقول الدكتور طة حسين في كتابة حديث الربعاء الجزء الاول - كانت تريد ان يتغزل بها الشعراء كما تغزلوا باخت زوجها فاطمة بنت عبدالملك امراة عمر بن عبدالعزيز وكما تغزلو بسكينة بنت الحسين وكما تغزلو ببنت معاوية من قبل وكما كانوا يتغزلون بكل شريفة وجميلة وردت مكة فطلبت الى كثيرعزة ووضاح ان يذكراها فاما كثير فخاف الخليفة ولكنة ذكر احدى جواريها تدعى غاضرة اما وضاح فتغزل بام البنين فحبت وضاح وحبها وطلبت منة ان يتبعها الى الشام كما يذ كر اكرم الرافعي في قصة وضاح تحت سلسلة افاق عربية طبعة 1960 تبعها وضاح ومدح زوجهاامير المؤمنين الوليد بن عبدالملك حسب نصيحة حبيبتة ام البنين ووعدها انها ستعمل على حمايتة ورفعة شانة فقربة زوجها واكرمة علية القوم وكان يتردد على مخدع (غرفة نوم) ام البنين وكان جميلا حتى تعلق بة وبشعرة بنات ونساء رجال الديوان وبداو يتربصون بة - حسب ما تذ كر الرواية - ويذ كر الدكتور طة حسين ان الوليد اهدى جواهر اعجتبة وارسلها مع احد الخدم ود خل الخادم فراى عندها وضاح فاسرعت ووضعت وضاح في الصند وق والخادم يرى ثم اخذ ت الجواهر من الخادم فطمع الخادم وطلب احد ى هذ ة الجواهر فابت علية وسبتة فانصرف غاضبا واخبر الخليفة بما راى فاظهر الخليفة تكذ يبة وامر بقتلة ثم نهض من فورة ود خل على الملكة فاذا بها تتمشط فجلس على الصندوق الذ ي وصفة له الخادم وطلب منها ان تعطية ذ لك الصند وق فلم تستطع الرفض فاخذ ة الى مجلسة وامر بحفر بئر في هذا المجلس والقى الصند وق في هذ ة البئر ثم د فنها بالتراب وسوى بها الارض ورد البساط فوقها كما كان واختفى وضاح 0 هل قصة وضاح حقيقة ام خيال ؟؟؟ يذ كر الد كتور طة حسين في كتابة حد يث الاربعاء الجزء الاول ص 233 بانة يشك في وجود هذ الشاعر شكا قويا فروات القصة مرة يذ كرون انة عربي حميري ومنهم من يذ ر انة من سلالة فارسية من الفرس الذ ين اتو اليمن مع سيف بن ذ ي يزن والبعض يذ كر انة عربي ولكن ابوة مات وهو طفلا فتزوجت امة رجلا من سلالة الفرس اشرف على تربيتة وادعى ابوتة وعندما حضر عمومتة لاخذ ة حصلت خصومة ورفع الامر للحاكم وكان وضاح جميلا جد ا حتى اعجب الحاكم فمسح بيد ة على راسة وقال انت وضاح اليمن فغلب علية هذا اللقب واخذ تة عمومتة ويذ كر الدكتور طة حسين ان ابو فرج الاصفهاني في كتابة الاغاني روى قصيدة لوضاح وردت لة وهو في الشام اثر خبر موت ابوة واخية في اليمن - ولم يكن وضاح طفل بل كان رجلا وان الرواة حتى اختلفو في امر حبيبتة الاولى اكانت عربية ام من اصل فارسي وان هذ ا الاظطراب في الروايات يؤد ي الى الشك في وجود وضاح اساسا اضافة كما يقول الدكتور ان كل الشعراء الغزليين في القرن الاول والثاني للهجرة مضريون سواء في البادية او الحضر(المدن) أي من قريش خاصة وانة لم يكن هناك شاعرا غزليا يمنيا واحد ا فاخترع اليمنيون قصة وضاح نتيجة للعصبية والتعصب الذ ي كان سائدا كقاعدة في ذ لك العصر بد ليل ان اليمنيين حاول الادعى بان جميل بثينة انة منهم ولم يوفقو – لاختلاف نسب قبيلة قضاعة قبيلة جميل – ثم ان جميل كان يؤكد انة من معد وكانت العصبية بين المضرية واليمانية قد عظم امرها وكانت المضرية لاتفتخر بشيء الاحاول اليمنيون ان يفتخرو بما يساوية او يزيد علية وكان المؤكد ان الغزل يماني بحكم ان امرؤالقيس هومن مهد شعر الغزل ولكن ذ لك كان في الجاهلية وليس في القرن الاول والثاني من عصر الاسلام ولم يكن يسيرا على اليمنيين الخذ لان – كما يقول الد كتور طة حسين –وان تسلم للمضريين بهذا التفوق الشعري اذا لابد من ان يكون لليمانيةشعراء غزليين تتفوق على الشعرا الغزليين من المضرية فاخترعو قصة وضاح اليمن حتى لا يقال انها – أي اليمن – خلت من شعر الغزل في الاسلام وقال الشعر وضاح واتصل بالخلفاء واضافو لة شعر لم يقلة احد من قبلة ولكن فاتهم ان شعر الغزل اغلبة بدوي فية خشونة وليس فية ليونة كليونة او نعومةكاالشعر المنسوب لوضاح والذ ي تكثر فية الشنشنة (قافية الشين) مثل قصيد تة التي يقول فيها طرب الفؤاد لطيف روضة غاشي والقوم بين اباطح وعشاش اني اهتديت ودون ارضك سبسب قفر وحزن في د جى ورشاش قالت تكاليف المحب وكلفتها ان المحب اذا اخيف لماشي ادعوك روضة رحب واسمك غيرة شفقا واخشى ان يشي بك واشي قالت فزرنا قلت كيف ازوركم وانا امرؤ لخروج سرك خاشي قالت كن لعمومي سلما معا والطف لاخوتي الذ ين تماشي فتزورنا معهم زيارة امن والسر ياوضاح ليس بفاشي ولقيتها تمشي بابطح مرة بخلاخيل وبحلة اكباشي فظللت معموداوبت مسهدا ودموع عيني في الرداءغواشي ياروض حبك سل جسمي وانتحى في العظم حتى قد بلغت مشاشي وانتقد الدكتور هذة الابيات بقولة ان هذ ة المراة تريد وضاحا ان يزورها باي طريقة فاذا ذ كر لها عسر يسرتة لة واغرتة ان يتلطف لاعمامها واخوتها حتى ان هذ ة الصداقة تسهل لة زيارتها دون ان يتعرض لخطر او يذ اع سر وهذ ا التصرف موجود في الطبقات المنحلة وليس فيها اخلاق الباد ية وما فيها وهي اقرب أي القصيدة اقرب الى الفجور وهي تشبة قصص الفجور التي تحصل في بغداد في القرن الثالث والرابع الهجري ومن المرجح انة تم اختراعها في تلك الفترة – فترة العصر العباسي الكارة للا مويين وابوفرج الاصفهاني صاحب كتاب الاغاني يذ كر ان كتابا غثا مصنوعا كان في ايدي الناس عن الوضاح وانة كرة ان ينقل منة شيئا اذا فوضاح بطل غرامي من ابطال العامة أي من القصص الشعبية المراجع 1- كتاب الاغاني لابو فرج الاصفهاني 2- الادب والثقافة في اليمن عبر العصور لمحمد سعيد جرادة 3- حديث الاربعاء الجزء الاول للدكتور طة حسين 4- افاق عربية وضاح اليمن او الطيف العائد لاكرم الرافعي طبعة 1960 علي السقاف جد ة
انتقل الى الاعلى

');
//-->


استعرض مواضيع سابقة: جميع المواضيع1 يوم7 اياماسبوعينشهر3 اشهر6 اشهرسنة القديم أولاالجديد أولا

منتديات صحيفة الأيام قائمة المنتديات -> خواطر
جميع الاوقات تستعمل نظام GMT
صفحة 1 من 1

انتقل الى: اختر منتدى المواضيع الجاده----------------المواضيع الجاده الارهاب----------------الحرب على الأرهاب الساحة العامة----------------البطالهالفسادالموظف الحكومي ..دكتاتور صغير ساحة الأيام----------------منتدى صحيفة الأيام في عدنشارك في هذا الموقع برأيك الرياصة----------------المنتدى الرياضي العامادارة النوادي المحليةمنتخب الناشئين نجاح باهر ام تزوير في الاعمار الشعر والأدب----------------خواطر ابنائنا في المهجر----------------هموم وشجون لاتستطيع وضع مواضيع جديدة في هذا المنتدىلاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدىلا تستطيع تعديل مواضيعك في هذا المنتدىلاتستطيع الغاء مواضيعك في هذا المنتدىلاتستطيع التصويت في هذا المنتدى
Powered by phpBB © 2001, 2005 phpBB Group
تعريب وتطوير: phpBBArabia

اشهر قصص الحب العذري

منتديات دكتور جوزاهي > §©¤*جـــ المنتـديـــات العامـــــة ــوزاهي*¤©§ > §©¤* المـواضيـــــع المتـميـــــــــــــــزة *¤©§ > أشهر قصص الحب العذري في التاريخ
المساعد الشخصي الرقمي
عرض الإصدار الكامل : أشهر قصص الحب العذري في التاريخ
هدى
05-12-2004, 01:58
قصة الحب العذريعرفت قبيلة عذرة فى أيام بني أمية بهذا اللون من الحب، ونسب إليها، واشتهرت به وبكثرة عشاقها المتيمين الصادقين في حبهم، المخلصين لمحبوباتهم، الذين يستبد بهم الحب، ويشتد بهم الوجد، ويسيطر عليهم الحرمان، حتى يصل بهم إلى درجة من الضنى والهزال كانت تفضي بهم في أكثر الأحيان إلى الموت، دون أن يغير هذا كله من قوة عواطفهم وثباتها، أو يضعف من إخلاصهم ووفائهم، أو يدفعهم إلى السلو والنسيان.وقديماً قال رجل منهم : "لقد تركت بالحي ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب".وسئل آخر : "ممن أنت؟" فقال : "من قوم إذا أحبوا ماتوا"، فقالت جارية سمعته : "عذري ورب الكعبة".وليس من السهل أن نحدد تماماً الأسباب التي جعلت هذه القبيلة تشتهر بهذا اللون من الحب ليصبح ظاهرة اجتماعية تعرف بها وتنسب إليها، وإن يكن القدماء قد حاولوا رد هذا إلى رقة قلوبهم وجمال نسائهم.سئل أعرابي منهم : "ما بال قلوبكم كأنهم قلوب طير تنماث كما ينماث الملح! أما تجلدون ؟فقال : إنا لننظر إلى محاجر أعين لا تنظرون إليها".وقيل لآخر : " يا هذا بحق أقول إنكم أرق الناس قلوباً".ويقول ابن قتيبة : "والجمال في عذرة والعشق كثير".ولكن هذه المحاولات تبدو غير كافية تماماً لتعليل هذه الظاهرة، إذ تظل معها الأسئلة واردة :هل كانت عذرة حقا أرق العرب قلوبا وأجملها نساء ؟ومن ذا الذى يستطيع أن يدعي أنها امتازت من بين جميع القبائل العربية بالرقة والجمال ؟وإذا صح هذا الادعاء فكيف نعلل ظهور هذا الحب في غيرها من القبائل ؟عذرة لم تنفرد وحدها من بين القبائل العربية بهذا اللون من الحب، وإنما ظهر أيضاً في غيرها من القبائل كقبيلة بني عامر حيث ظهر مجنون ليلى قيس بن الملوح، وقبيلة بني كنانة حيث ظهر قيس بن ذريح صاحب لبنى.فالمسألة ليست مسألة عذرة وحدها، والحب العذرى ليس وقفاً عليها دون غيرها من القبائل، ولكنه لون من الحب عرفته البادية العربية مع غيره من ألوان الحب المختلفة مرده الأساسى إلى المزاج الشخصي الذي يدفع بعض الناس إلى اللهو والمجون والشرك في الحب، كما يدفع بعضهم إلى الوفاء والإخلاص والتوحيد فيه، ثم إلى طبيعة الظروف التي تحيط بالعاشق أتدفعه إلى اللهو والعبث أم ترده إلى الطهر والعفاف؟فالمسألة ليست مسألة عذرة وحدها، ولكنها مسألة المجتمع البدوى العربي في مجموعه، وهذا اللون من الحب هو التعبير العاطفي الطبيعي في هذا المجتمع، حيث تسيطر تقاليد خاصة ومثل معينة على الحياة الاجتماعية فيه، فتخلق هذا اللون المتميز من ألوان الحب الروحي.فالمسألة ليست مسألة أن "الجمال فى عذرة كثير"، أو أن قلوب أبنائها" كقلوب الطير تنماث كما ينماث الملح"، ولكنها مسألة مجتمع البادية العربية بتقاليده ومثله المسيطرة عليه، في عذرة وفي غير عذرة من تلك القبائل التي كانت تنزل في البادية العربية ، في نجد وفي شمالي الحجاز.أما انتشار هذه الظاهرة فى عذرة ذلك الانتشار الذي صوره أحد أبنائها بأنه ترك في الحي "ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب"، فلا يمكن أن يفهم إلا على أساس فهم الظواهر الاجتماعية عامة، فهي "عدوى اجتماعية" جعلت من هذا الحب بدعا بين شباب القبيلة يلعب فيه التقليد دورا كبيرا يدفع كل شاب إلى صاحبة له ليعرف بها كما عرف غيره من شبابها بصاحباتهم، ثم تتدخل الظروف الاجتماعية لتطبع هذا الحب بالطابع العذري المعروف، فالمسألة فى حقيقتها ظاهرة اجتماعية انتشرت كما تنتشر سائر الظواهر الاجتماعية على أساس من العدوى والتقليد.أما لماذا نسب هذا الحب إلى عذرة دون غيرها من القبائل؟ ففي أغلب الظن أن السبب في هذا يرجع إلى أنها هي التي مثلت هذه الظاهرة الاجتماعية أقوى تمثيل، لكثرة من عرف من عشاقها الذين رأى فيهم الرواة المثل الكاملة لهذا الحب، والنماذج الدقيقة له ، والألسنة المعبرة عنه أدق تعبير وأروعه ،وخاصة عند جميل بثينة الذي يعد بحق أروع مثل له، وأدق نموذج عرفته البادية منه، وأقوى الألسنة تعبيراً عنه، وأشهر من لمع اسمه في تاريخه.وربما يرجع السبب أيضاً إلى أن أقدم من عرفه الرواة من أصحاب هذا الحب في العصر الأموي، وهو عروة بن حزام، كان عذريا من قبيلة بني عذرة.وهو ما سنراه في أول قصة لنا.
هدى
05-12-2004, 02:09
عروة و العفراءهي من أقدم قصص العذريين تاريخيا.كان عروة يعيش في بيت عمه والد عفراء بعد وفاة أبيه، وتربيا مع بعض وأحبا بعضهما وهما صبيان.فقد ربط الحب بين القلبين الصغيرين منذ طفولتهما المبكرة، وشب مع شبابهما.فلما شب عروة تمنى عروة أن يتوج الزواج قصة حبهما الطاهرة، فأرسل إلى عمه يخطب إليه عفراء، ووقف المال عقبة في طريق العاشقين، فقد غالت أسرة عفراء في المهر، وعجز عروة عن القيام به.وألح عروة على عمه، وصارحه بحب عفراء، ولأنه كان فقيرا راح والدها يماطله ويمنيه الوعود، ثم طلب إليه أن يضرب في الأرض لعل الحياة تقبل عليه فيعود بمهر عفراء.ولم يكذب عروة خبرا، وانطلق من غده بحثاً عن المال، وعاد وجيبه عامر بالمهر وما يزيد ، فقد تيسر له ما كان يسعى إليه، والأمل يداعب نفسه، ويرسم له مستقبلا سعيداً يجمع بينه وبين عفراء.وفى أرض الوطن يخبره عمه أن عفراء قد ماتت، ويريه قبراً جديداً ويقول له إنه قبرها.وتتحطم آمال عروة، وينهار كل ما كان يبنيه لأيامه المقبلة، وترتبط حياته بهذا القبر، يبثه آلامه، ويندب حظه، ويبكي حبه الضائع ومأساته الحزينة، ويذيب نفسه فوق أحجاره حسرات ودموعاً، فقد فقد حبيبته ورفيقة صباه.ثم تكون مفاجأة لم يكن يتوقعها، لقد ترامت إليه أنباء بأن عفراء لم تمت، ولكنها تزوجت.فقد قدم أموي غني من الشام في أثناء غيبته، فنزل بحي عفراء، ورآها فأعجبته، فخطبها من أبيها، ثم تم الزواج رغم معارضتها، ورحل بها إلى الشام حيث يقيم.وتثور ثائرة عروة، ويصب جام غضبه على عمه الذي خدعه مرتين:خدعه حين مناه عفراء، ودفع به إلى آفاق الأرض البعيدة خلف مهرها، ثم خدعه حين لفق له قصة موتها، وتركه فريسة أحزانه ودموعه، فمضى يهجوه :فيا عم يا ذا الغدر لازلت ** مبتلي حليفا لهم لازم وهوانغدرت وكان الغدر منك سجية ** فألزمت قلبي دائم الخفقانوأورثتني غما وكربا وحسرة ** وأورثت عيني دائم الهملانفلازلت ذا شوق إلى من هويته ** وقلبك مقسوم بكل مكانوانطلق عروة إلى الشام، ونزل ضيفاً على زوج عفراء والزوج يعرف أنه ابن عم زوجته ولا يعلم بحبهما بطبيعة الحال، ولأنه لم يلتقي بها بل بزوجها فقد راح هذا الأخير يماطل في إخبار زوجته بنبأ وصول ابن عمها.ففكر عروة في حيلة عجيبة، فقد ألقى بخاتمه في إناء اللبن وبعث بالإناء إلى عفراء مع إحدى الجواري.وأدركت عفراء على الفور أن ضيف زوجها هو حبيبها القديم قد عاد فتلتقي به ..ويلتقي العاشقان بعد تلك الأيام الطويلة الحزينة التي باعدت بينهما، ويتذكران ماضيهما السعيد فوق أرض الوطن البعيدة وما فعلت بهما الأيام، وتكون شكوى، وتكون دموع.صمم عروة على العودة إلى وطنه حرصا على سمعة عفراء وكرامتها، واحتراما لزوجها الذي أحسن وفادته وأكرم مثواه.ورحل عروة بعد أن زودته عفراء بخمار لها ذكرى حبيبة منها.وفي أرض عذرة التي شهدت رمالها السطور الأولى من قصة حبه، تكون الأدواء والأسقام في استقباله.فقد ساءت حال عروة، واشتد عليه الضنى، واستبد به الهزال، وألح عليه الإغماء والخفقان، وأخذه مرض السل حتى لم يبقي منه شيئ، وعجز الطب عن علاجه.ولم يجد عروة إلا شعره يفزع إليه ليبثه آلامه وأحزانه، ويصور فيه ما يلح على نفسه من أشواق وحنين، وما يضطرب في جوانحه من أسى ووجد.يقول مرة:تحملت من عفراء ما ليس لي به ** ولا للجبال الراسيات يدانكأن قطاة علقت بجناحها ** على كبدي من شدة الخفقانجعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفيانيفقالا: نعم نشفي من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدرانفما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقيانىوما شفيا الداء الذي بي كله ** ولا ذخرا نصحا ولا ألوانيفقالا: شفاك الله، والله مالنا ** بما ضمنت منك الضلوع يدانفويلي على عفراء ويلا كأنه ** على الصدر والأحشاء حد سنانويقول مرة :فوالله لا أنساك ما هبت الصبا ** وما عقبتها فى الرياح جنوبوإنى لتعروني لذكراك هزة ** لها بين جلدي والعظام دبيبوما هو إلا أن أراها فجأة ** فأبهت حتى ما أكاد أجيبوأصرف عن رأيي الذي كنت أرتني ** وأنسى الذي أعددت حين تغيبحلفت برب الراكعين لربهم ** خشوعاً، وفوق الراكعين قريبلئن كان برد الماء حران صاديا ** إلى حبيب إنها لحبيبقضى عروة أيامه بين أمل عاش له ثم ضاع منه إلى الأبد، وألم عاش فيه وقد استقر في أعماقه إلى الأبد، وبينهما خيال عفراء الحبيبة لا يفارقه.ثم كانت نهاية المأساة، فقد أسدل الموت على العاشقين ستار الختام، بموت عروة.ظل عروة يهذي باسم عفراء ويحادث طيفها حتى وافته المنية.بلغ النبأ عفراء، فاشتد جزعها عليه، وذابت نفسها حسرات وراءه، وظلت تندبه وتبكيه وامتنعت عن الطعام والشراب حتى لحقت به بعد فترة وجيزة، ودفن في قبر بجواره .ويأبى خيال القصاص إلا أن يجمع بينهما بعد الموت، فقد دفنت عفراء إلى جانب قبر عروة، ومن القبرين نبتت شجرتان غريبتان لم ير الناس مثلهما من قبل، ظلتا تنموان وتلتف إحداهما على الأخرى، تحقيقا لأمل قديم حالت الحياة دون تحقيقه، وأبى الموت إلا أن يحققه.هذه هى أقدم قصة وصلت إلينا من قصص الحب العذري في العصر الأموي، وهي تمثل المعالم الأساسية، والملامح المميزة، لكل قصص الحب العذري، ومن المحتمل أن تكون هي التي أعطت هذا اللون من الحب اسمه الذي عرف به.على نحو من هذه الصورة التي رأيناها في قصة عروة وعفراء كانت سائر قصص العذريين الأمويين.وهو ما سنراه في القصة الموالية.
روعة
05-12-2004, 11:37
تسلمي هدى ننتظر البقيه لكن هل تظني ماسبب استمرار ههذا الحب
هدى
06-12-2004, 02:04
أهلين روعةالسبب هو الإخلاص طبعا الحب بصدق
هدى
06-12-2004, 02:05
قيس وليلى حكاية ليلى والمجنون هي من أغلب قصص الحب المشهورة على الإطلاق.بل أغلبها شهرة ومعرفة عند العام والخاص.ولا بأس من إعادة ذكرها لمن لا يعرف تفاصيلها بشكل جيد.المجنون هو قيس بن الملوح العامرى ابن عم ليلى. حدثت هذه القصة في صدر الإسلام ، في القرن الأول الهجرى، في وقت كانت البادية العربية تعيش في عزلة نسبية .بدأت قصتهما كما تبدأ أكثر قصص الحب فى البادية في المرعى، وهما صبيان يلعبان ويرعيان ماشية أهلهما. وكبر العاشقان، وكبر معهما حبهما، وحجبت ليلى عن قيس، فازداد حبه لها، واشتد حنينه إلى أيامهما الصغيرة أيام أن كان الحب طفلا يرعاهما دون رقيب أو حجاب.يقول قيس :تعلقت بليلى وهي ذات ذؤابة ** ولم يبد للأتراب من ثديها حجمصغيرين نرعى البهم، ياليت أننا ** إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمولكن عجلة الزمن لا ترجع إلى الوراء، وطفل الحب الذي رعاهما في صباهما الصغير يكبر وينمو، ويشتد ساعده، ويقوى عدوه، وسهامه الصغيرة الرقيقة التي ضمت قلبيهما صبيين في المرعى أصبحت بعد أيام الصبا حادة نافذة.لقد جاء الإسلام فرفع منزلة المرأة العربية فلم تعد واحدة من أساليب اللهو التي اعتاد عليها البدوي ليحقق وجوده الضائع في الصحراء المترامية الأطراف إلى جانب الخمر والميسر.إن الدين الجديد يحرم عليه الخمر ويحرم عليه الميسر، ويفرض عليه قيودا دينية واجتماعية وخلقية. وكان الشاب ينظر حوله، فلا يرى إلا بنات أعمامه، إنهن رفيقات اللعب في الصبا، وأول من يتعرف إليهن من نوع الأنثى فيختار الشاب إحداهن ، تسحره نظرة منها أو التفاتة أو كلمة عابرة ، ويميل القلب نحوها ولكن فجأة تختفي بنت العم تماما ، فالتقاليد تحجبها داخل خيمتها، لا تخرج منها إلا بصحبة حارسة، وللضرورة .هذه الظروف ما هي إلا تربة خصبة لنمو العاطفة واشتعالها ، فيستبد الوجد والشوق إلى المحبوبة ويزداد التعلق بها، وتسيطر صورتها على خيال الحبيب ولا يفكر إلا فيها ، إن حياته كلها أحلامه وأشواقه تتركز في نقطة واحدة ، أن يراها . ويتحول الشاب الذي كان يزهو بفتوته بين أقرانه، إلى شبح هزيل يجبو الصحراء، تتقاذفه العلل والأوهام، يردد أبيات شعر رائعة عن حبه وعن ذكريات طفولته ويذكر فيها محبوبته كثيراً.هذه إجمالا ملخص القصة والكثير من القصص المشابهة لها.اشتد هيام قيس، ولم يجد إلا شعره متنفسا له ينفس فيه عن نفسه ما تنوء به من وجد وشوق وحنين. واشتهر أمره في الحي، وتداولت الألسنة قصة حبه.تقدم قيس إلى عمه طالباً الزواج من ابنته ليلى ، وبدلا من أن يفرح العم ويرحب، إذا به يرفض، ويصر على الرفض .. لماذا ؟ لأن التقاليد تمنع العرب من الموافقة على زواج ابنته من رجل تشبب بها أي تغزل فيها في شعره !وفي نفس الوقت تقدم فتى من ثقيف يخطبها أيضا، ويكرهها أهلها على قبول الثقفي ورفض قيس خوفاً من العار وقبح الأحدوثة، وقطعاً لألسنة الشائعات وقالة السوء والإفك. ومضى الثقفي بليلى إلى الطائف، ولعل ذلك الحل كان بوحي من أبيها الذي شاء أن يبعدها عن مسرح الأحداث .وازدادت حيرة قيس واضطرابه، وثقلت على نفسه الهموم والأحزان، وصار يحس أنه بين شقي رحى طاحنة : حب لا يملك منه فكاكا، ويأس لا يرى معه بصيصاً من أمل. ولا يجد سوى شعره مرة أخرى ينفس فيه ما تفيض به نفسه من حزن وشجن، وحيرة واضطراب، وضيق وسخط.يقول :فأنت التي إن شئت أشقيت عيشتي ** وإن شئت بعد الله أنعمت بالياوأنت التي ما من صديق ولا عدا ** يرى نضو ما أبقيت إلا رثى لياإذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني ** أصانع رحلي أن يميل حياليايمينا إذا كانت يمينا، وإن تكن ** شمالا يناز عني الهوى عن شمالياأعد الليالي ليلة بعد ليلة ** وقد عشت دهراً لا أعد الليالياأرانى إذا صليت يممت نحوها ** بوجهي وإن كان المصلى ورائياوما بي إشراك، ولكن حبها ** كمثل الشجا أعيا الطبيب المداوياأحب من الأسماء ما وافق اسمها ** وأشبهه أو كان منه مدانياهي السحر إلا أن للسحر رقية ** وأني لا ألفي لها الدهر راقياويقول أيضا مصورا الصراع بين اليأس الذي يميته، والأمل الذي يحييه:ألقى من اليأس تارات فتقتلني ** وللرجاء بشاشات فتحيينيويقول مصورا السخط الذي تنوء به نفسه الحزينة المتمردة:خليلي، لا والله لا أملك الذي ** قضى الله في ليلي ولا ما قضى لياقضاها لغيرى، وابتلاني بحبها ** فهلا بشئ غير ليلى ابتلانياوانهار أعصاب قيس تحت وطأة هذه الرحى الطاحنة، وجن جنونه ، بعد أن ترك وحيدا، وعصفت بعقله العواصف ، فخرج إلى الصحراء هائماً على وجهه لا يكاد يدري من أمره شيئاً، يناجي خيالها البعيد، ويصور فى شعره محنته القاسية، ومصابه الفاجع في أعز ما يملك فى الحياة : قلبه وعقله اللذين ذهبت بهما ليلى إلى غير رجعة.يقول :أقول لأصحابى: هي الشمس ضوؤها ** قريب ولكن في تناولها بعدلقد عارضتنا الريح منها بنفحة ** على كبدي من طيب أرواحها بردفما زلت مغشيا علي، وقد مضت ** أناة وما عندي جواب ولا ردأقلب بالأيدي، وأهلي بعولة ** يفدونني لو يستطيعون أن يفدواولم يبق إلا الجلد والعظم عاريا ** ولا عظم لي أن دام ما بي ولا جلدأدنياي ما لي في انقطاعي وغربتي ** إليك ثواب منك دين ولا نقدعديني - بنفسي أنت - وعداً فربما ** جلا كربة المكروب عن قلبه الوعدوقد يبتلي قوم ولا كبليتي ** ولا مثل جدي في الشقاء بكم جدغزتني جنود الحب من كل جانب ** إذا حان من جند قفول أتى جندولا شك أن عقله عجز تماما عن فهم أو تقبل ذلك المنطق الذي خضع له عمه، وكل القبيلة، التي لم يحاول أحد فيها أن يلين من صلابة رأس ذلك الرجل، أو يوفق بين الرأسين في الحلال.ولا شك أن ذلك العم كانت لديه أسباب عديدة .. لكن أحدا لم يخبرنا عنها . إننا نعرف فقط أن التقاليد العربية في ذلك الوقت هي التي أملت عليه كلمة لا، وأن هذه الكلمة تعلقت بلسانه، وسدت أذنيه وأغمضت عينيه فلم ير ابن اخيه يهيم في الصحراء، ولم يرق قلبه وهو يستمع لأرقى الشعر يردده كل الناس بعد قيس، يصور فيه لوعته ويذيب شبابه الغض قطرة قطرة على رمال الصحراء التي لا ترتوي . وتمر الأيام، وقيس لا يزداد إلا سوءا، لقد غزته حقا كما يقول "جنود الحب من كل جانب"، بل لقد غزته جنود الجنون حتى ذهبت بعقله، وهو جنون بالغ فيه الرواة وتخبطوا في تصويره، ولعب خيال القصاص في ذلك دوراً كبيراً، حتى تحولت حياة العاشق المسكين على أيديهم إلى حياة يصعب - بل يستحيل - تصورها. والمسألة أبسط مما تصوروا، لقد سيطر الحب على عقل قيس، واستبد به، حتى أذهله عن كل ما عداه، وتركه تائهاً في أوهامه، هائماً في خيالاته، لا يكاد يصحو منها إلا إذا ذكرت له ليلى. وهو يصور فى شعره حاله تصويراً دقيقاً لا صلة له بمبالغات الرواة وأخيلة القصاص.يقول مرة :أيا ويح من أمسى تخلس عقله ** فأصبح مذهوباً به كل مذهبإذا ذكرت ليلى عقلت وراجعت ** عوازب قلبي من هوى متشعبويقول أخرى :وإنى لمجنون بليلى موكل ** ولست عزوفا عن هواها ولا جلداإذا ذكرت ليلى بكيت صبابة ** لتذكارها حتى يبل البكا الخداويقول أيضأ :وشغلت عن فهم الحديث سوى ** ماكان فيك فإنه شغليوأديم لحظ محدثي ليرى ** أن قد فهمت وعندكم عقليوبذل أهله كل ما في وسعهم لينقذوه مما آلت إليه حاله، ولكن محاولاتهم ذهبت جميعا أدراج الرياح. يقول قيس بن الملوح مصوراً اضطرابه والحيرة التي به أدق تصوير وأروعه:فوالله ثم والله إني لدائب ** أفكر ما ذنبي إليك وأعجب ؟ووالله ما أدري علام قتلتني ؟ ** وأي أموري فيك يا ليل أركب ؟أأقطع حبل الوصل فالموت دونه ؟ ** أم أشرب رنقا منكم ليس يشرب ؟أم أهرب حتى لا أرى لي مجاورا ؟ ** أم أصنع ماذا أم أبوح فأغلب ؟فأيهما يا ليل ما ترتضينه؟ ** فإني لمظلوم ، وإني لمعتبإنها الحيرة والاضطراب والقلق النفسي عبر عنهما قيس هذا التعبير الرائع، معتمدا على هذا الأسلوب الاستفهامى الحائر، وهذه التقسيمات المضطربة القلقة لوجوه المشكلة التي يعانيها كما يعانيها غيره من أصحابه العذريين.وظل قيس في صحرائه غريباً مستوحشاً مشردا لم تبق منه إلا بقية من جسد هزيل، وبقية من عقل شارد كلما ثبت إليه فزع إلى شعره يبثه ما يلقاه في حب ليلى من عناء وشقاء، وما يقاسيه بسببه من كرب وتباريح، حتى لقي منيته في واد مهجور خشن كثير الحجارة ، بعيداً عن أهله، وليلى التي عذبه حبها ، وبعيداً عنها بعد ما وهب لها حياته وفنه، بعيداً عن أبيها الذي كان سبب شقائه وبلواه، ولكنه لم ينسى أن يوجه إليه قبل أن يودع الحياة أبياتا وجدت بعد موته مكتوبة إلى جواره، والتي صور فيها ما تفيض به نفسه من حقد عليه، كما صور فيها مأساته الحزينة تصويراً دقيقاً مؤثراً :ألا أيها الشيخ الذي ما بنا يرضى ** شقيت ولا هنيت من عيشك الغضاشقيت كما أشقيتني وتركتني ** أهيم مع الهلاك لا أطعم الغمضاكأن فؤادي في مخالب طائر ** إذا ذكرت ليلى يشد بها قبضاكأن فجاج الأرض حلقة خاتم ** علي فما تزداد طولا ولا عرضاإنها النتيجة الطبيعية لهذا الصراع الدائب المتصل الذي لا يهدأ ولا يستقر.أسقام وأدواء وأوجاع وعلل تهجم على العاشق المسكين، فينوء تحت وطأتها جسده الذي أهزله الضنى، وأضناه الهزال، وتنهار معها أعصابه التي أرهقها الصراع النفسي الذي لا ينتهي إلى نهاية مريحة، والتي أجهدها التفكير في مشكلات معقدة لا حل لها.فالموت فعلا راحة لكل حي.ولاشك أنه كان شخصية فريدة من نوعها .. أو لعلها المبالغات التي يولع بها الناس فيزينون بها قصص الحب تعبيراً عما تختزنه قلوبهم من كبت وحرمان.يقولون : إن قيساً كان يغمى عليه كلما ذكر اسم ليلى، سواء كان الحديث عنها بمكروه أو بخير فهو يغشى عليه بمجرد سماعه اسمها ! ويقولون إنه وقف ذات يوم يتحدث إلى ليلى وفي يده جمرة من نار فأخذت النار تحرق رداءه حتى أتت عليه ووصلت إلى جسمه وقيس لا يشعر ! وفي أواخر أيامه حكي عن قيس أنه عاش مع الوحش فأنس إليه وفضله على بني الإنسان، وأن الوحوش أيضاً صارت تأنس إليه ! فقلوبهم رقت لحاله، بينما ظلت قلوب أهله كالحجر الذي لم يتفتت ولم يذب لسماع أشعار قيس الرائعة.وأسدل الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري. وفي انتظار قصة من نفس النوع وغير بعيدة في الزمن ولا في الحداث عن هذه.
روعة
06-12-2004, 02:37
اظن ان السبب ان الحب انتهى نهاسه ماساويه يعني عدم الزواج فهذا سبب نجاح هذا القصص يعني لو انتهى بزواج كانت قصص عاديه ولا ايه
هدى
08-12-2004, 11:25
لا طبعا يا روعة مو هاد ه والسببالقصة الموالية اختلفت شوي وانتهت بزواج بس ما انتهى الحب بالعكس صاحب القصة تقريبا جن هو كمانالزواج ما بنهي الحب لو كان الحب صادق مثل حب هدول المحبينعلى فكرة هلا صار في عندنا منتدى للقصص ممكن المشرف يتفضل وينقل الموضوع لهناك
هدى
08-12-2004, 11:47
قيس ولبنىمن هذه القصص الشهيرة حكاية قيس آخر، هو قيس بن ذريح الذي عشق لبنى في زمن معاوية.في نفس الوقت الذي شهدت نجد فيه مأساة مجنون ليلى شهد الحجاز مأساة أخرى من مآسي الحب العذري بطلاها قيس بن ذريح وصاحبته لبنى.هو مضري من كنانة، وهي يمنية من خزاعة، تجمع بينهما صلة نسب من جهة الأم، فقد كانت أم قيس خزاعية.وكانت منازل كنانة في ظاهر المدينة، ومنازل خزاعة في ضواحي مكة.كان قيس ابن أحد أثرياء البادية، وكان أخا من الرضاعة للحسين بن علي.وذات يوم حار كان قيس في إحدى زياراته لأخواله الخزاعيين وهو يسير في الصحراء شعر بالعطش الشديد، فاقترب من إحدى الخيام طالبا ماء للشرب ، فخرجت له فتاة طويلة القامة رائعة الجمال ذات حديث حلو هي لبنى بنت الحباب .استسقاها فسقته ، فلما استدار ليمضي إلى حال سبيله دعته لأن يرتاح في خيمتهم قليلاً ويستبرد ، فقبل دعوتها وهو يتأملها بإعجاب شديد .وتقول الحكاية أن أباها الحباب جاء فوجد قيسا يستريح عندهم فرحب به وأمر بنحر الذبائح من أجله واستبقاه يوما كاملاً.ثم تردد عليها وشكا لها حبه فأحبته.وعندما عاد قيس ، مضى إلى أبيه يسأله أن يخطبها له فأبى.فالأب ذا الثراء العريض كان يريد أن يزوجه واحدة من بنات أعمامه ليحفظ ثروة العائلة .لقد كان أبوه غنيا كثير المال، وكان قيس وحيده، فأحب أن لا يخرج ماله إلى غريبة، وقال له : بنات عمك أحق بك.فمضى إلى أمه يسألها أن تذلل له العقبة عند أبيه، فوجد عندها ما وجد عنده.لم يجد قيس أذنا صاغية ، ومع ذلك لم ييأس ولجأ إلى الحسين بن علي وكان أخاه في الرضاع، فقد أرضعته أم قيس معه ووسطه في الأمر.وشاء الله أن تكلل وساطة الحسين بالنجاح.فلقد مضى الحسن إلى الحباب والد لبنى، ثم مضى إلى ذريح والد قيس، واستطاع أن يجمع بين العاشقين برباط الزوجية المقدس.وتحقق لقيس أمله وتزوج من لبناه، لكن القدر أبى عليهما سعادتهما ولم يشأ للعاشقين أن يتحولا إلى زوجين عاديين ممن يقتلهما السأم.وظل الزوجان معا، لعدة سنوات دون أن ينجبا، ودون تردد أشاعت الأسرة أن لبنى عاقر .وخشي أبواه أن يصير مالهما إلى غير ابنهما ، فأرادا له أن يتزوج غيرها لعلها تنجب له من يحفظ عليهما مالهما.ولما كان أبو قيس تواقا لذرية تتوارث ثروته الطائلة، فقد ألح على ابنه أن يتزوج من أخرى لتنجب له البنين والبنات.لكن قيسا أبى .. لقد أشفق على لبنى من ضرة تشقيها وتعذبها .كما رفض أيضا أن يطلق زوجه الحبيبة، وتحرجت الأمور بينه وبين أبويه، إنهما مصممان على طلاقها، وهو مصمم على إمساكها.وظل الأب يلح ويسوق عليه كبار القوم، دون جدوى وإمعانا في الضغط عليه أقسم الأب ألا يظله سقف بيت طالما ظل ابنه مبقيا على زواجه من لبنى .فكان يخرج فيقف في حر الشمس، ويأتي قيس فيقف إلى جانبه ويظله بردائه ويصلي هو بالحر حتى يفيء الظل فينصرف عنه، ويدخل إلى لبنى ويبكى وتبكى معه، ويتعاهدان على الوفاء. وتأزمت المشكلة، وساءت العلاقات بين طرفيها، واجتمع على قيس قومه يلومونه ويحذرونه غضب الله في الوالدين، وما زالوا به حتى طلق زوجه.كان قيس شديد البر بوالده فلم يشأ أن يتركه يتعذب في الهجير، واضطر اضطرارا لأن يطلق لبنى.رحلت لبنى إلى قومها بمكة، وجزع قيس جزعاً شديداً، وبلغ به الندم أقصى مداه، وتحولت حياته إلى أسف لا ينتهي، وندم لا ينقطع، ودموع لا تتوقف، وحسرات لا تقف عند حد، ولم يجد أمامه سوى شعره يبثه أسفه وندمه ودموعه وحسراته.يقول مرة :يقولون: لبنى فتنة كنت قبلها ** بخير، فلا تندم عليها وطلقفطاوعت أعدائي، وعصيت ناصحي ** وأقررت عين الشامت المتخلقوددت، وبيت الله، أني عصيتهم ** وحملت في رضوانها كل موبقوكلفت خوض البحر، والبحر زاخر ** أبيت على أثباج موج مغرقكأني أرى الناس المحبين بعدها ** عصارة ماء الحنظل المتفلقفتنكر عيني بعدها كل منظر ** ويكره سمعي بعدها كل منطقويقول أخرى :وفارقت لبنى ضلة فكأنني ** قرنت إلى العيوق ثم هويتفيا ليت أني مت قبل فراقها ** وهل ترجعن فوت القضية ليتفصرت وشيخي كالذي عثرت به ** غداة الوغى بين العداة كميتفقامت، ولم تضرر هناك، سوية ** وفارسها تحت السنابك ميتفإن يك هيامي بلبنى غواية ** فقد يا ذريح بن الحباب، غويتفلا أنت ما أملت في رأيته ** ولا أنا لبنى والحياة حويتفوطن لهلكى منك نفسا فإنني ** كأنك بي قد يا ذريح، قضيتلم يتوقف قيس عن ملاحقة لبنى بعد الطلاق .فلم يطق عن لبنى صبرا، واشتد حنينه لها، وشوقه إليها، فعاود زيارتها، وشكاه أبوها للسلطان معاوية، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم يهدر دم قيس إن هو تعرض للبنى ، وحيل بينه وبينها مرة أخرى.ومرة أخرى لا يجد أمامه سوى شعره يبثه أحزانه وآلامه :فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها ** مقالة واش أو وعيد أميرفلن يمنعوا عيني من دائم البكا ** ولن يذهبوا ما قد أجن ضميرإلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى ** ومن كرب تعتادني وزفيرومن حرق للحب في باطن الحشى ** وليل طويل الحزن غير قصيرسأبكي على نفسي بعين غزيرة ** بكاء حزين في الوثاق أسيروكنا جميعاً قبل أن يظهر الهوى ** بأنعم حال وغبطة وسرورفما برح الواشون حتى بدت لهم ** بطون الهوى مقلوبة لظهورلقد كنت حسب النفس لو دام ** وصلنا ولكن ما الدنيا متاع غرورومع ذلك فقد كانت تتاح للعاشقين من حين إلى حين فرصة لقاء يائس حزين تزداد معه حرق الحب تأججاً واشتعالا، ويتجسم بعده الشعور بالحرمان، والإحساس بالحسرة والندم.وساءت حال قيس، واعتلت صحته، وأصابه هزال وذهول شديدان، وأشار قومه على أبيه أن يزوجه عله ينسى حبه القديم.وتزوج قيس كارها زواجاً لا سعادة فيه، وبلغ الخبر لبنى فتزوجت هي أيضاً زواجا لا سعادة فيه،وتقول الروايات أن لبنى لما سمعت بإهدار دم قيس قبلت الزواج من رجل آخر وهو خالد بن حلزة، لكي تجبر قيسا على الابتعاد عنها وتحميه من القتل ، وأن قيسا تزوج بعد سماعه بزواج لبنى.أيا كانت الروايات فلبنى فعلت ذلك وهي ما تزال تكن كل الحب لزوجها السابق قيس ، وقيس كان يعلم بذلك.كان قيس يعرف أن لبنى تحبه بمقدار ما أحبها، فركب راحلته وذهب إلى خيام أهلها وهناك راح ينشد الشعر.يقول قيس بن ذريح مصورا كيف يروض نفسه على الرضا بالحرمان الذي فرض عليه، والتشبث بالآمال الضائعة التي أفلتت منه :إن تك لبنى قد أتى دون قربها ** حجاب منيع ما إليه سبيلفإن نسيم الليل يجمع بيننا **ونبصر قرن الشمس حين تزولوأرواحنا بالليل في الحي تلتقي ** ونعلم أنا بالنهار نقيلوتجمعنا الأرض القرار، وفوقنا ** سماء نرى فيها النجوم تجولإلى أن يعود الدهر سلما ** ترات بغاها عندنا وذحولويقول قيس بن ذريح مصورا عجزه عن نسيان لبنى، وكيف يخونه الصبر كلمامرت به ذكراها:أريد سلوا عن لبنى وذكرها ** فيأبى فؤادي المستهام المتيمإذا قلت أسلوها تعرض ذكرها ** وعاودني من ذاك ما الله أعلمصحا كل ذي ود علمت مكانه ** سواي فإني ذاهب العقل مغرمويقول أيضا مصوراً محاولاته السلوان، وكيف ترده عنها نفسه الوالهة ودموعه المهراقة، حتى لتصبح هذه المحاولات تكليفا لنفسه فوق ما تطيق.ففي أعماقه نار لا تكف عن التأجج والتوهج :وحدثتنى يا قلب أنك صابر ** على البين من لبنى فسوف تذوققمت كمدا أو عش سقيما فإنما ** تكلفني ما لا أراك تطيقإذا أنا عزيت الهوى أو تركته ** أنت عبرات بالدموع تسوقكأن الهوى بين الحيازيم والحشا ** وبين التراقي واللهاة حريقأريد سلوا عنكم فيردنى ** عليك من النفس الشعاع فريقورحل بها زوجها إلى المدينة، وكأنما شاءت الأقدار أن تقرب لبنى من قيس لتزيد من ندمه وأسفه وحسراته.واشتد جزع قيس، ولم يلبث أن استطار عقله ولحقه مثل الجنون ، وضاقت السبل فى وجهه، ثم خطر له أن يلجأ إلى يزيد بن معاوية ليتوسط له عند أبيه حتى يلغي أمره السابق بإهدار دمه. ونجحت وساطة يزيد، وعفا معاوية عن قيس، فعاود زيارة لبنى.وانتشر أمر قيس في المدينة، وغنى في شعره مغنوها ومغنياتها، فلم يبق شريف ولا وضيع إلا سمع بذلك فأطربه وحزن لقيس مما ألم به.وقد روى الأصفهاني في كتابه "الأغانى" أن أشعار قيس لحنها الملحنون وغناها المطربون فاشتهرت وذاع صيتها حتى سمع بها زوج لبنى وساءت العلاقات بينهما ، فثار عليها، لكنها لم تعبأ بثورته وطالبته أن يطلقها إن شاء .ولكن الزوج أدرك ألا خطأ لها ولا ذنب، فهدأت ثائرته، ويقال أنه أراد أن يصلحها فأحضر الجواري من المدينة ليغنين لها أشعار قيس !وعادت الأمور تتعقد في وجه قيس مرة أخرى، وازدادت همومه وأعباؤه، وأخذت صحته في الانهيار، والأسقام تلح عليه إلحاحاً عنيفاً.يقول تارة :إذا ذكرت لبنى تأوه واشتكى ** تأوه محمود عليه البلابليبيت ويضحي تحت ظل منية ** به رمق تبكي عليه القبائلقتيل للبنى صدع الحب قلبه ** وفي الحب شغل للمحبين شاغلويقول تارة أخرى :سلا كل ذى شجو علمت مكانه ** وقلبى للبنى ما حييت ودودوقائلة قد مات أو هو ميت ** وللنفس مني أن تفيض رصيدأعالج من نفسي بقايا حشاشة ** على رمق، والعائدات تعودفإن ذكرت لبنى هششت لذكرها ** كما هش للثدي الدرور وليدأجيب بلبنى من دعاني تجلدا ** وبي زفرات تنجلي وتعودتعيد إلى روحي الحياة، وإنني ** بنفسي لو عاينتني لأجودحكاية لبنى تختلف كثيراً عن صاحبتيها ليلى وبثينة، فالقدر هو الذي فرق بينها وبين قيس بن ذريح، ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئا وليومنا هذا مازال الاتهام يحاصر الزوجة أولا إذا لم تنجب، فإذا ثبت أن الزوج هو السبب نصحت بأن تضحي من أجله وتبقى معه، أما إذا ثبت أن الزوجة هى العاقر فلا أحد يطالب الزوج بأي تضحية، ويصبح من حقه أن يتزوج عليها أو أن يطلقها .وحكاية الأصفهاني تدل على أن لبنى لم تسلم قلبها للزوج الثاني الذي فرض عليها فرضاً، وظلت حزينة مجروحة الفؤاد تبكي بحرقة كلما تذكرت قيسا، أو كلما سمعت أشعاره الحزينة ترددها الجواري في مجالس الغناء .ثم تكون النهاية التي اختلف الرواة حولها، فمن قائل إن زوجها طلقها فأعادها قيس إلى عصمته ولم تزل معه حتى ماتا، ومن قائل إنهما ماتا على افتراقهما، وعلى ذلك أكثر الرواة.ثم يختلفون بعد ذلك، فمنهم من يقول إنه مات قبلها وبلغها نعيه فماتت أسفا عليه، ومنهم من يقول إنها ماتت قبله، فخرج ومعه جماعة من أهله، فوقف على قبرها،ثم أكب عليه وظل يبكي حتى أعمى عليه، فحملوه إلى بيته وهو لا يعي شيئاً، ولم يزل عليلا لا يفيق ولا يجيب حتى مات بعد ثلاثة أيام، ويقال أنه فقد عقله، وظل طريح الفراش حتى لحق بها، فدفن إلى جوارها .وهي أكثر الروايات وأرجحها فقد بكاها قيس وأنشد على قبرها هاته الأبيات التي نسبت إليه :ماتت لبنى فموتها موتي هل ** تنفعن حسرتي على الفوتوسوف أبكي بكاء مكتئب ** قضى حياة وجدا على موتوبهذه النهاية أسدل الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري.وإذا كانت مأساة قيس بن ذريح ولبنى تمثل شيئاً من الخروج على هذا التشابه، فإن الإطار العام الذي دارت في داخله أحداثها يوشك أن يكون نفس الإطار الذي دارت فيه سائر المآسي الأخرى.عاشقان يحب كل منهما صاحبه إلى درجة الجنون، ثم عقبات تعترض طريق سعادتهما فتفرض عليهما الشقاء والحرمان، ثم موت يطويهما، وستار حزين يسدل على المأساة، وذكريات تبقى، وشعر يخلد، ورمال البادية المتحركة تطوي في أعماقها أسرارا، وتكشف أسرارا أخرى.وهكذا لم يستطع تحكم الأهل ولا سيطرة العرف والتقاليد، ولا احتجاب لبنى عن حبيبها، أو ابتعادها أو زواجها من رجل آخر أن يحملوا قيسا على نسيانها . بل لعل هذه الأمور مجتمعة كانت وقودا أشعل نار الحب في قلب شاعرنا . وجعلها تزداد اضطراما مع الأيام، كما كانت جذوة ألهبت موهبته فانطلق يقول أعذب الشعر .
الباشق
11-12-2004, 12:48
جميل جدا هدى وفقك الله
هدى
12-12-2004, 12:54
الأجمل مرورك ربنا يوفقك انت كمان يا باشقشكرا لمرورك وسعيدة بهأتمنى تكون أعجبتك القصصويا ريت تشرفني بالمتابعة لباقي القصص
هدى
12-12-2004, 01:17
جميل وبثينةقريبا من الوقت الذى شهدت فيه نجد مأساة قيس وليلى، وشهد الحجاز مأساة قيس ولبنى، شهدت أرض بنى عذرة مأساة أخرى من مآسى الحب العذرى، هى مأساة جميل وبثينة.إذا كانت مأساة قيس وليلى على شهرتها المستفيضة أشد هذه المآسي اختلاطاً واضطرابا لكثرة ما دخلها من وضع الرواة، وتزيد القصاص، وأوهام السمار، فإن مأساة جميل وبثينة أبعد هذه المآسي عن الاختلاط والاضطراب، وأقربها إلى الواقع الذي نجا من عبث أصحاب الرواية والقصص والسمر.حدثت القصة في العصر الأموي وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان أو الخليفة الوليد بن عبد الملك.كانت بثينة فتاة من بني الأحب، وهم من رهط بني عذرة، وكذلك جميل، كان من رهط آخر من بني عذرة هم رهط عامر، وبني عذرة كانت تنزل في البادية العربية شمال الحجاز، في وادي القرى الذي يقع على مقربة من الطريق التجاري بين مكة والشام ، وهو واد خصب، استقرت به تلك القبيلة، وكانت مشهورة منذ العصر الجاهلي بالقوة والمنعة والشرف.وقد دخلت بنو عذرة الإسلام في السنة السابقة للهجرة، وشارك أبناؤها في غزوات الرسول وفي الفتوحات الإسلامية .أحب جميل بن معمر العذري بثينة بنت الحباب وبدأت القصة كالتالي :رأى بثينة وهو يرعى إبل أهله، وجاءت بثينة بإبل لها لترد بها الماء، فنفرت إبل جميل، فسبها، ولم تسكت بثينة وإنما ردت عليه، أي سبته هي أيضاً.. وبدلا من أن يغضب أعجب بها، واستملح سبابها فأحبها وأحبته، وبدأت السطور الأولى في قصة هذا الحب العذري الخالدة.حيث تطور الإعجاب إلى حب، ووجد ذلك صدى لديها، فأحبته هي أيضاً، وراحا يتواعدان سرا.يقول جميل :وأول ما قاد المودة بيننا ** بوادي بغيض، يا بثين، سبابفقلنا لها قولا فجاءت بمثله ** لكل كلام، يا بثين، جوابوتمر الأيام، وسطور القصة تتوالى سطراً بعد سطر.لقد اشتد هيام جميل ببثينة،واشتد هيامها به، وشهدت أرض عذرة العاشقين يلتقيان ولا يكاد أحدهما يصبر عن صاحبه.وكلما التقيا زادت أشواقهما، فيكرران اللقاء حتى شاعت قصتهما، واشتهر أمرهما، ووصل الخبر إلى أهل بثينة ، فتوعده قومها، وبدلاً من أن يقبلوا يد جميل التي امتدت تطلب القرب منهم في ابنتهم رفضوها، وأبوا بثينة عليه وردوه دونها، وتوعدوه بالانتقام، ولكي يزيدوا النار اشتعالاً سارعوا بتزويج ابنتهم من فتى منهم، هو نبيه بن الأسود العذري.وكان جميل من فتيان عذرة وفرسانها الأشداء، وكان قومه أعز من قوم بثينة، فوقف في وجههم فجميل لم يستسلم، بل راح يتحدى أهل بثينة، ويهزأ بهم، ويهددهم منشدا :ولو أن ألفا دون بثينة كلهم ** غيارى، وكل حارب مزمع قتليلحاولتها إما نهارا مجاهرا ** وإما سرى ليل ولو قطعت رجليويقول أخرى:فليت رجالا فيك قد نذروا دمي ** وهموا بقتلي، يا بثين، لقونيإذا ما رأوني طالعاً من ثنية ** يقولون: من هذا ؟ وقد عرفونييقولون لي: أهلا وسهلا ومرحبا ** ولو ظفروا بي خاليا قتلونيولم يغير هذا الزواج من الحب الجارف الذي كان يملأ على العاشقين قلبيهما، فقد كان جميل فارسا شجاعا يعتز بسيفه وسهامه، فلم يتأثر حبه لبثينة بزواجها، ووجد السبل إلى لقائها سراً في غفلة من الزوج.وظلت العلاقة بينهما كما كانت من قبل، يزورها سرا في غفلة من زوجها، أو يلتقيان خارج بيت الزوجية، وما بينهما سوى الطهر والعفاف.وكان الزوج يعلم باستمرار علاقة بثينة بجميل ولقاءاتهما السرية، فيلجأ إلى أهلها ويشكوها لهم، ويشكو أهلها إلى أهل جميل.لكي تتوقف اللقاءات فترة، ثم تعود أقوى وأشد مما كانت.فبثينة لم تكن تعبأ بما قد يفعله زوجها أو أهلها لقد أرغموها على الزواج بمن لا ترغب، وكان من رأيها عليهم أن يتحملوا وزر فعلتهم.وتحدث إليه أهله في أمر هذه العلاقة الغريبة التي لا أمل فيها، وهذا الإلحاح الذليل خلف امرأة متزوجة، وحذروه مغبة الاندفاع في هذا الطريق الشائك الوعر، وما ينطوي عليه من عواقب وخيمة، وهددوه بأن يتبرؤوا منه ويتخلوا عنه إذا استمر في ملاحقته لها ، ولكنه لم يستطع أن يبرأ من حبه لبثينة.وهذا كله لم يغير من الأمر شيئا، ولم يفلح في إطفاء الجذوة المتقدة في قلبي العاشقين.لقد امتنع جميل عن بثينة فترة من الزمن لم تطل، ثم عادت النار تتأجج في فؤاده، فعاود زيارتها، بل تمادى في علاقته بها، وفى تحديه لأهلها واستهانته بزوجها، فلم يجدوا أمامهم سوى السلطان يشكونه إليه، فشكوه إلى عامر بن ربعي وإلى بنى أمية على وادي القرى، فأنذره وأهدر لهم دمه إن رأوه بديارهم.وامتنع جميل عن بثينة مرة أخرى، ومرة أخرى ألح عليه الشوق، ولم يطق عنها صبراً، فعاود زيارتها معرضا نفسه للهلاك.وأعاد أهلها شكواهم إلى السلطان، فطلبه طلبا شديداً.وقد حاول العذريون أن يحلوا مشكلة هذا الصراع بترويض نفوسهم على الرضا بالحرمان، وهو رضا أحال حياتهم وهما كاذبا، وسرابا خداعا، وأحلاما لا تقوم على أساس من الواقع العملي الذي تقوم عليه حياة غيرهم من الناس.يقول جميل معبراً عن هذه الفكرة، فكرة الرضا بالحرمان، والقناعة بالوهم الكاذب الخداع:وإني لأرضى من بثينة بالذي ** لو أبصره الواشي لقرت بلابلةبلا، وبأني لا أستطيع، وبالمنى ** وبالأمل المرجو قد خاب أملهوبالنظرة العجلى، وبالحول تنقضي ** أواخره لا تلتقي وأوائلهلقد تصور هؤلاء العذريون مشكلتهم على أنها قدر مقدور قضاه الله عليهم فلا يملكون معه إلا الصبر عليه والرضا به.يقول جميل معبرآ عن هذه القدرية المحتومة:لقد لامني فيها أخ ذو قرابة ** حبيب إليه في ملامته رشديفقال: أفق، حتى متى أنت هائم ** ببثينة فيها لا تعيد ولا تبدي؟فقلت له: فيها قضى الله ما ترى ** علي، وهل فيما قضى الله من رد؟فإن يك رشدا حبها أو غواية ** فقد جئته، ما كان مني على عمدلقد لج ميثاق من الله بيننا ** وليس لمن لم يوف لله من عهدإنه لم يعد يملك من أمر نفسه شيئا، لقد قضى الله عليه هذا الحب، ولا راد لقضائه، إنه قدر مقدور لا يملك له دفعا ولا ردا.ومع ذلك لم يفلح العذريون في حل مشكلة هذا الصراع فى نفوسهم، أو إقناع أنفسهم بأن المسألة قدر مقدور لا يملكون معه شيئا، أو ترويضها على الرضا بالحرمان الذي فرض عليهم، وإنما كانت كلها محاولات يحاولونها، قد ينجحون فيها في بعض الأحيان، ولكنهم في أكثر الأحيان كانوا يخفقون.فنرى في شعرهم الشكوى الصارخة، والأحزان التي يعجزون عن إخفائها، والدموع التي لا يملكون لها كتمانًا، والسخط الذي لا يقدرون على التخلص منه.وشعر العذريين جميعا مطبوع كله بهذا الطابع الحزين الباكي، حتى ليعد هذا الطابع من أقوى طوابعه المميزة وأعمقها.ونعود لبطل قصتنا مرة أخرى.بعد كل الأحداث التي تناولته فر جميل إلى اليمن حيث أخواله من جذام، وظل مقيما بها حتى عزل ابن ربعي، فعاد إلى وطنه ليجد قوم بثينة قد رحلوا إلى الشام، فرحل وراءهم.وكأنما يئس جميل من هذه المطاردة التي لا تنتهي، والتي أصبح الأمل فيها ضعيفا، والفرصة ضيقة.لقد فرقت البلاد بينه وبين صاحبته، ولم يعد لقاؤهما ميسراً كما كان عندما كانت تضمهما جميعاً أرض عذرة، فقرر أن يرحل إلى مصر، ليلحق ببعض قومه الذين سبقوه إليها، واستقروا بها، كما فعلت كثير من القبائل العربية التي هاجرت إليها بعد الفتح.وانتهز جميل فرصة أتيحت له في غفلة من أهل بثينة، فزارها مودعا الوداع الأخير، ثم شد رحاله إلى مصر حيث قضى فترة من الزمن لم تطل، يتشوق إليها، ويحن لها، ويتذكر أيامه معها، ويبكي حبه القديم.يقول جميل :ألا ليت أيام الصفاء جديد ** ودهرا تولى يا بثين يعودفنغنى كما كنا نكون، وأنتم ** صديق، وإذ ما تبذلين زهيدوما أنس من الأشياء لا أنس قولها ** وقد قربت نضوى: أمصر تريد ؟ولا قولها: لولا العيون التي ترى ** أتيتك فاعذرني فدتك جدودعلقت الهوى منها وليدا فلم يزل ** إلى اليوم ينمى حبها ويزيدفلو تكشف الأحشاء صودف تحتها ** لبثينة حب طارف وتليدألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بوادي القرى إني إذن لسعيدوهل ألقين سعدي من الدهر مرة ** ومارث من حبل الصفاء جديدوقد تلتقى الأهواء من بعد يأسة ** وقد تطلب الحاجات وهي بعيدولكن القدر أبى أن تلتقي الأهواء بعد يأس، أو أن تدرك الحاجات البعيدة، فلم تطل أيام جميل بمصر، فقد أخذ النور يخبو، ثم انطفأ السراج، وودع جميل الحياة بعيداً عن بثينة التي أفنى شبابه في طلبها، بعيداً عن أرض عذرة التي شهدت أيامهما السعيدة وأيامهما الشقية، بعيدا عن وادي القرى الذي كان يتمنى أن يعود إليه ليبيت فيه ليلة تكتمل له فيها سعادته.يقول جميل مصورا أحزانه الطاحنة التي تحطم نفسه تحطيما حتى ليوشك أن ينهار تحت وطأتها:وما ذكرتك النفس يا بثين مرة ** من الدهر إلا كادت النفس تتلفوإلا علتني عبرة واستكانة وفاض ** لها جار من الدمع يذرفتعلقتها، والنفس مني صحيحة فما ** زال ينمى حب جمل وتضعفإلى اليوم حتى سل جسمي وشفني وأنكرت ** من نفسي الذي كانت أعرفوفي ظل هذا الصراع الحاد بين اليأس والأمل، وفي ظل هذه المحاولات السلبية للسلو والنسيان عاش العذريون مخلصين لمحبوباتهم.لقد وهب كل منهم حياته لواحدة أخلص لها حبه ولم يشرك به حبا آخر، لا يعدوها إلى غيرها، ولا يصرف هواه إلى سواها، ولا ينقل فؤاده حيث شاء من الهوى، وإنما يعيش حياته على ما فيها من حرمان وأحزان ، فقد ارتبطت حياته بها، وأصبح كل شئ فيها ملكاً لها، واستحالت أيامه ولياليه ذكرياتا وأحلاما استقرت في شعروه وفي لا شعوره فهو يعيش بها ولها وعليها، ولم يعد في قلبه متسع لمحبوبة أخرى بعد أن ثبت حبها فيه كما ثبتت فى الراحتين الأصابع.وبلغ نعيه بثينة بعد حين، فسقطت مغشيا عليها، حتى إذا ما أفاقت أنشدت هذين البيتين اللذين تعاهد فيهما نفسها على الوفاء لعهده والإخلاص لذكراه، واللذين أودعت فيهما كل ما تفيض به نفسها مرارة ويأسا بعده :وإن سلوى عن جميل لساعة ** من الدهر ما حانت ولا حان حينهاسواء علينا يا جميل بن معمر ** إذا مت بأساء الحياة ولينهاوتمر الأيام عليها بعد ذلك حزينة باكية، وتتوالى الليالي طويلة ثقيلة موحشة، تستعيد فيها ذكريات حبها البعيدة، وتسترجع ما مر بها في ماضيها السعيد الذي طوته رمال عذرة إلى الأبد.ويأخذ النور يخبو، ثم ينطفئ السراج، وتودع بثينة الحياة بعيدة عن جميل الذي وهبته حبها وإخلاصها، بعيدة عن أرض عذرة ووادي القرى ووادي بغيض حيث خط طفل الحب أول سطر في كتاب حبهما الخالد.كانت النهاية المحتومة التي لا مفر منها، إنه الموت.ودع العاشق حياته على أمل في أن يجمع الله بينه وبين صاحبته بعد الموت، عسى أن يتحقق له فى العالم الخالد ما لم يتحقق له في العالم الفاني.أمنية تمناها كل عاشق عذري، وأغمض عينيه عليها.أمنية تمناها جميل كما تمناها عروة بن حزام قبل حيث يقول :وإني لأهوى الحشر إذ قيل إنني ** وعفراء يوم الحشر ملتقيانفيا ليت محيانا جميعا، وليتنا ** إذا نحن متنا ضمنا كفنانأما جميل فيقول جميل:أعوذ بك اللهم أن تشحط النوى ** ببثينة في أدنى حياتي ولا حشريوجاور إذا ما مت بيني وبينها ** فيا حبذا موتي إذا جاورت قبريويقول أيضا:ألا ليتنا نحيا جميعا، وإن نمت ** يواف ضريحي في الممات ضريحهافما أنا في طول الحياة براغب ** إذا قيل قد سوى عليها صفيحهاوبهذه الأبيات نسدل الستار على مأساة أخرى من مآسي الحب العذري الحزينة.ولكن ما نوع تلك اللقاءات المتكررة بين جميل وبثينة ؟ هل كانت لقاءات بريئة كما يؤكد بعض الرواة ؟! ولكن كيف نصدق تلك الروايات وجميل نفسه يؤكد لنا في أشعاره أنه كان يقضي الليل كله بصحبة بثينة .مضطجعا بجوارها، أحيانا لمدة ثلاث ليال !! فإذا ما أسفر الصبح أو كاد، تشفق بثينة عليه، وتلح عليه أن ينصرف فيأبى معتزاً بسيفه وسهامه ولكنها تلح حتى ينصرف.بعض الروايات تؤكد أن جميلاً كان مستهتراً ماجنا، وبعضها الآخر يؤكد أنه كان عاشقا ولها.ويذكر الرواة في أحاديثهم عن هؤلاء العذريين أخباراً كثيرة عن هذه العفة وهذا الطهر، ويصفون لقاء جميل وبثينة في أحضان الليل بعيداً عن أعين الرقباء، وكيف كانا يقضيان الوقت يسألها عن حالها وتسأله عن حاله، وتستنشده ما قال فيها من شعر فينشدها، ولا يزالان يتحدثان، لا يقولان فحشاً ولا هجراً، حتى إذا قارب الصبح ودع كل منهما صاحبه أحسن وداع، وانصرفا وكل منهما يمشي خطوة ويلتفت إلى صاحبه حتى يغيبا.وفى اللحظات الأخيرة من حياة جميل، وهو فوق ذلك المعبر الضيق الذي يفصل بين شط الحياة وشط الموت، أقسم أنه ما وضع يده على بثينة لريبة، وأن أكثر ما كان منه أن يسند يدها إلى فؤاده.ولنا لقاء آخر مع قصة جميلة كهذه.
المنفرد
14-12-2004, 09:20
الناس يقولون سماهم في وجوههم واختياراتك تدفعني للقول سماهم في أختيارتهم ....؟ بحكم عملي في المجال الفني كمدرس لمادة الرسم ليس كل من يرسم لوحة جميلة هو فقط فنان....؟ لكن من يختار لوحة مميزة ويبدي أعجابه بها فهو كذ لك على حسن أختياره فنان....وهذه الشفافية في الأنتقاء لديك يا أخت هدى بينت لي عن اي أنسانة مرهفة المشاعر في زمن الأ مشاعر...؟فهناك حكمة قديمة تقول احذرو الخربشة على الورق فهي تكشف خفايا النفوس .اخت هدى من دواعي سروري وامتناني أن تتقبلي ردودي على مشاركتك
روعة
15-12-2004, 12:06
رائع هدى بس ياريت فعلا الموضوع ينور قسم القصص
هدى
15-12-2004, 01:54
المنفرد اسم على مسمى شو هالرد الجميل أنت خجلتني فعلاأنت مش شايف أنك قايل قصيدة في مدحيحتى أنك رسمت لي لوحة كمان عم تطبق الرسم في تشرفت كثير بمعرفتك أستاذ ويسعدني ويشرفني كمان تمر علي مواضيعي وترد عليها لك كل الشكر والتوفيق وفي عندي كثير قصص رح أنشرها كمان هون فيا ريت تتابعها مو لأني انا اللي وضعاها بس لأنها قصص لأبطال كانوا عن جد أبطال في حبهم وإخلاصهم ويستاهلوا تنكتب قصصهم وتنذكر حكاياهم لربما يعتبر أجيال هالعصرشكرا روعة لمرورك يسعدني كثير ما عندي صلاحية النقل وإلا كنت نقلتها وما انتظرت المشرف يهل علينايا ريت تتابعي معي بقية القصص
هدى
15-12-2004, 02:05
عمرو بن كعب وعقيلةهذه صورة أيضاً كانت فيها مأساة عمرو بن كعب بن النعمان الملك وابنة عمه عقيلة.نشأ عمرو معها في بيت أبيها بعد وفاة أبيه، وربط الحب بين القلبين الصغيرين، حتى إذا ما كبرا تقدم إلى أبيها يطلب عونه لما كان بين أسرتيهما من صلة.ثم يبلغه أن عمه زوج عقيلة لأحد من بني فزارة، فكانت صدمة له لم تقوى على احتمالها أعصابه فانهار، وانطلق إلى الصحراء ذاهلا عن كل شيء هائما على وجهه في إقليم اليمامة، وقد شد بصره إلى السماء، حتى أدركته منيته في تيه لم يعرف مكانه فيه.وفى بيت الفزارة تعيش عقيلة كما يذكر الرواة عذراء، وتنهار أعصاب زوجها، فيخرج هو أيضا إلى الصحراء هائما على وجهه فلا يدري أين مذهبه.وتعود عقيلة إلى بيت أبيها تندب حظها، وتبكي مأساتها، وتدب الأدواء والأسقام في جسدها حتى تذويه وتضنيه، ثم يضمها الموت إليه لتلحق بحبيبها.هذا ما وصل من أحداث هذه القصة
المنفرد
15-12-2004, 08:24
ياهدى لست أنا من كتب القصيدة بل أنتي من كتبها بهذا الرد المفعم با لمشاعر الترحيبية العفوية المثيرة للفرح لدي وهو يكاد يكون نادر ......أنا من النوع الذي تستهويني تلك الوحات المخلدة التي رسمها أناس صادقين المشاعر والحب لديهم هو بمثابة مذهب مقدس ......؟ نعم ياهدى سأكون أول المتشوقين لما تنشريه ....فا أنا من يبحث منذ الأف اليالي عن حلم يكون بهذه الروعة التي تبثها أختيارتك .. لكن يا هدى جل ما أخشاه أن تكوني تكتبين الأشياء الصحيحة في الزمن غير الصحيح.
هدى
01-01-2005, 04:51
شكرا لردك يا منفرد وشكرا لمتابعتكحتى لو كنت أنشر شيئا صحيحا في الزمن غير الصحيح فلا بأسحتى لو كان لهدف الاطلاع فقط
هدى
01-01-2005, 04:57
عبد الله بن العجلان وهندوعلى نحو من نفس الصورة السابقة تقريبا كانت مأساة عبد الله بن العجلان وهند، وكلاهما من نهد من قضاعة.وهي أقرب مأساة جاهلية إلى مأساة قيس بن ذريح ولبنى، وأشدها شبهأ بها.رأى عبد الله هندا على بعض المياه فأحبها، ثم مضى إلى أبيها فخطبها، وتحقق له أمله فتزوجها وعاش معها بضع سنين كأسعد ما يكون ، حبيبان ربط بينهما رباط الزوجية المقدس.ولكن القدر أبى عليهما السعادة التي ينعمان بها، فقد كانت هند عاقرا، وكان عبد الله وحيد أبويه، وكان أبوه سيدا من سادات قومه المعدودين، ومن أكثرهم مالاً وأوسعهم ثراء، فطلب إليه أن يطلقها ويتزوج غيرها عسى أن ينجب منها من يحفظ على الأسرة مالها وكيانها.وأبى عبد الله، وتحرجت الأمور بينه وبين أبيه الذي أقسم أن لا يكلمه حتى يطلقها وتمسك عبد الله بزوجه الحبيبة، ولكن أباه جمع عليه أعمامه وأبناء أعمامه، وما زالوا به حتى ضعف أمامهم فانفصل عنها.وما إن نفذ السهم حتى أسف عليها، وندم على فراقها، واشتد حزنه وجزعه من أجلها.ثم تزوجت هند في بني شخص اسمه نميـر، فضاقت السبل في وجه عبد الله، وانهارت أعصابه، واصطلحت على جسده العلل والأدواء.وعرض عليه أهله فتيات الحي لعل إحداهن تعجبه فتنسيه صاحبته الأولى، ولكنه رفض الزواج.وقضى عبد الله بعد ذلك حياته يبكي حبه القديم، وفردوسه المفقود، وسعادته الضائعة، حتى مات حزنا عليها، وأسفا على أمل كان بين يديه ثم فرط فيه فضاع منه إلى الأبد.
هدى
02-01-2005, 04:35
عنترة وعبلةأشهر قصص "المتيمين" الجاهليين هي هذه القصة.هي قصة تستمد شهرتها من ناحيتين : من شهرة صاحبها الفارس الشاعر البطل، ثم من القصة الشعبية التي دارت حولها.وعلى الرغم من شهرة هذه القصة، وعلى الرغم من ضخامة القصة الشعبية التي دارت حولها وكثرة التفاصيل والحواشي بها، فإن المصادر القديمة لا تمدنا بكثير من تفاصيلها، ولكنها في إطارها العام قصة ثابتة لا شك فيها بدلالة شعر عنترة الذي يفيض بأحاديث حبه وحرمانه.نشأ عنترة العبسي من أب عربي هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هي زبيبة الأمة السوداء الحبشية، وكان أبوه قد سباها في بعض غزواته.وسرى السواد إلى عنترة من أمه، ورفض أبوه الاعتراف به، فاتخذ مكانه بين طبقة العبيد في القبيلة، خضوعا لتقاليد المجتمع الجاهلي التي تقضي بإقصاء أولاد الإماء عن سلسلة النسب الذهبية التي كان العرب يحرصون على أن يظل لها نقاؤها، وعلى أن يكون جميع أفرادها ممن يجمعون الشرف من كلا طرفيه : الآباء والأمهات، إلا إذا أبدى أحد هؤلاء الهجناء امتيازا أو نجابة فإن المجتمع الجاهلي لم يكن يرى في هذه الحالة ما يمنع من إلحاقه بأبيه.وحانت الفرصة لعنترة في إحدى الغارات على عبس، فأبدى شجاعة فائقة في رد المغيرين، وانتزع بهذا اعتراف أبيه به، واتخذ مكانه فارساً من فرسان عبس الذين يشار إليهم بالبنان.ووقف طفل الحب الخالد يلقى سهامه النافذة ليجمع بين قلب عنترة وقلب ابنة عمه عبلة بنت مالك.وتقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، ولكن اللون والنسب وقفا مرة أخرى في طريقه، فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجري في عروقه دم غير عربي، وأبت كبرياؤه أن يرضى بعبد أسود مهما تكن شجاعته وفروسيته زوجاً لابنته العربية الحرة النقية الدم الخالصة النسب.ويقال إنه طلب منه تعجيزاً له وسدا للسبل في وجهه ألف ناقة من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير مهراً لابنته، ويقال إن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وأنه لقي في سبيلها أهوالا جساما، ووقع في الأسر، وأبدى في سبيل الخلاص منه بطولات خارقة، ثم تحقق له في النهاية حلمه، وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك النعمان.ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه من أمره شططا، ثم فكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة.ثم تكون النهاية التي أغفلتها المصادر القديمة وتركت الباحثين عنها يختلفون حولها، فمنهم من يرى أن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنهم من يرى أنه لم يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب.وفي أغلب الظن أن عنترة لم يتزوج عبلة، ولكنه قضى حياته راهبا متبتلا في محراب حبها، يغني لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً جميلاً.وهو يصرح في بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربي ضخم أبيض اللون، يقول لها في إحدى قصائده الموثوق بها التي يرويها الأصمعي :إما تريني قد نحلت ومن يكن ** غرضاً لأطراف الأٍنة ينحلفلرب أبلج مثل بعلك بادن ** ضخم على ظهر الجواد مهبلغادرته متعفرا أوصاله ** والقوم بين مجرح ومجدللقد تزوجت عبلة من غير عنترة بعد ذلك الكفاح الطويل الذي قام به من أجلها، وأبى القدر أن يحقق للعاشقين حلمهما الذي طالما عاشا فيه.وعاش عنترة بعد ذلك عمراً طويلا يتذكر حبه القديم، ويحن إلى أيامه الخالية، ويشكو حرمانه الذي فرضته عليه أوضاع الحياة وتقاليد المجتمع، وقد طوى قلبه على أحزانه ويأسه، وألقى الرماد على الجمرة المتقدة بين جوانحه، وهو رماد كانت ذكريات الماضي تلح عليه من حين إلى حين، فتكشف عن الجمرة التي لم تنطفئ جذوتها من تحته، حتى ودع الحياة.وأسدل الموت الستار على قصة حبه .
الباشق
05-01-2005, 01:31
دائما عندا اقرا عنهم اي عن الشعراء العذريين اتسال هل ياترى كل حب مرتبط بالنقاء والطهارة مصيره الفشل ام ان الشعراء كان بشعرهم يعكسون الواقع الذي يعيشون فيه وهل تصح تجربتهم في ضوء متغيرات العصر الحالي ارجو الاجابة منك يا هدى وتسلم ايدك على الموضوع
هدى
11-01-2005, 04:16
ولادة وابن زيدونابن زيدون هو أشهر صوت شعري انطلق في ربوع الأندلس، مغردًا، مردّدًا أحلى القصائد والمقطوعات، شاعرًا ووزيرًا وعاشقًا مستلهمًا، وسجينًا وهاربًا ومطاردًا، وساعيًا من بلدة إلى بلدة ومن حاكم إلى حاكم.وأتيح لشعره من الذيوع ما لم يتح لغيره من شعراء الأندلس.وهو الملقب بذو الوزارتين.وهو الكاتب الشاعر الرقيق عاشق ولاّدة بنت المستكفي.حتى لقد شبهه الكثيرون ببحتريّ الشرق لرقة تعبيره وروعة أساليبه وانطلاق خياله وأصالة فنه وقدرته على التحليق الشعري.ولد ابن زيدون في قرطبة قرب ختام القرن الرابع الهجري سنة ثلاثمائة وأربع وتسعين وبها تثقف وأتقن فنَّ الأدب : شعره ونثره.ثم اتصل بابن جمهور وصار وزيره وكاتبه الأول حتى كان حبه لولادة ومزاحمة ابن عبدوس له في حبها، ومكيدته له عند ابن جمهور التي انتهت بسجنه.ومن السجن كان ابن زيدون يرسل أنات مستعطفة وقصائد مليئة بالشكوى والمرارة والرجاء، فلا يلتفت إليه أحد.ونجح ابن زيدون في الفرار من السجن ومغادرة قرطبة، ثم عاد إليها بعد أن تُوفي أبو الحزم بن جمهور وتولى الحكم ابنه الوليد، الذي أعاده إلى سابق مكانته ومنزلته وجعله سفيرا بينه وبين ملوك الطوائف.لكن الحسد والحقد والدسائس تلاحق ابن زيدون من جديد، فانقلب عليه الوليد، واضطر إلى الفرار من قرطبة ثانية، وظل متنقلا في الأندلس، حتى لقي تيسر له الامر لدى المعتضد حاكم إشبيلية.وبموت المعتضد، أصبح ابن زيدون وزير ابنه المعتمد الذي كان شاعراً، فعلي مقام ابن زيدون، وتألق نجمه، ولمعت مواهبه وزكت شاعريته، ودارت بين الأمير ووزيره مطارحات شعرية كثيرة.ثم تم للمعتمد الاستيلاء على قرطبة موطن ابن زيدون وانتقل إليها وجعلها عاصمة ملكه.وثارت في إشبيلية فتنة طائفية بسبب اليهود فأرسل المعتمد ابن زيدون لتهدئتها بما له من منزلة في قلوب الإشبيليين، لكن الشاعر الذي كان قد هرم وشاخ وأنهكه المرض لا يكاد يصل إلى إشبيلية حتى ألحت عليه الحمى ومات فيها سنة أربعمائة وثلاث وستين من الهجرة.هذه الحياة العاصفة المتقبلة، وهذه الأحاديث الجسيمة المتتالية، صقلت وجدان ابن زيدون وألهبت قدرته الشعرية، وانعكست في شعره تفننا في الشكوى والحنين والتأمل والنظر في مصائر الأيام وتقلب الزمان.لكن أبعدها غورا في نفسه هو حبه لولادة بنت المستكفي، التي كانت تُقرّبه حينًا ثم تقرب غريمه ومنافسه ابن عبدوس حينًا آخر.ومن أجل ولادة كتب ابن زيدون نونيته الرائعة أشهر قصائده على الإطلاق والتي عارضها أحمد شوقي وهو يعاني بدوره مرارة النفي والاغتراب في إسبانيا بنونيته التي مطلعها:يا نائح الطلح أشباه عوادينا ** نأسى لواديك أن نشجي لواديناوالتي جعلت الكثيرين من المولعين بالمقارنات يتوقفون عند القصيدتين، تأملا وتحليلا وتقييما ومقارنة، كما توقفوا عند السينيتين : سينية البحتري وسينية شوقي للسبب نفسه.يتميز شعر ابن زيدون بالعذوبة وتوفر النغم الموسيقي والسهولة، كما يتميز بالانسياب والاسترسال والتدفق في طواعية ويُسْر، ودون جهد أو تعب، وشعره في الغزل يتميز بالنعومة والبراعة في التصوير، تصوير خلجات النفس ومكنون أسرارها، ولوعة المحب الصادق في معاناته ومكابدته، كما يتميز بمزجه الغزل بوصف الطبيعة، مما أعطى لقصائده في الحب إطارها الطبيعي المشرق، وجعلها شبيهة باللوحات المصورة، الناطقة بالفن الرفيع والشعور الحي المرهف، والوجد المتقد.يقول الدارسون لحياة ابن زيدون وشعره، إنه كتب نونيته تلك وهو هارب من السجن بعد أن يئس من إقناع ابن جمهور بإطلاق سراحه، وأصبح بعيدًا عن مركز الوزارة المرموق، فوجد نفسه بعيدا عن ولادة أيضًا.ولقد عادت إليه حريته بالهرب من السجن، ولكنه ما يزال يعاني غربتين أو معضلتين، الوزارة التي يصبو إليها، والتي يعتبر عودته إليها تصحيحا لمسار حياته وتكريما لذاته، وولادة التي بذل لها نفسه وعصارة قلبه وخلاصة شعره والتي يخشى أن يفقدها إلى الأبد.إن الشاعر العاشق يستعطف محبوبته وضالته ويُذكرها بأيامها الماضية، لعلها ترقُّ وتلين، فيعود ثانية ما كان بينهما من ريق الوصال، وأنس الوداد.يقول ابن زيدون مخاطبًا ولادة.أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا ** وناب عن طيب لقيانا تجافيناألا، وقد حان صبح البين، صبحنا ** حينٌ، فقام بنا للحين ناعينامن مبلغ الملبسينا بانتزاحهمو ** حزنا مع الدهر لا يبلى ويبليناأن الزمان الذي ما زال يضحكنا ** أنسا بقربهمو قد عاد يبكيناغيظ العدا من تساقينا الهوى، فدَعوا * *بأن نغَصَّ فقال الدهر آمينافانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا * *وأنبت ما كان موصولاً بأيديناوقد نكون وما يخشى تفرقنا ** فاليوم نحن وما يرجى تلاقيناويقول مرة أخرى :يا ليت شعري، ولم نعتب أعاديكم ** هل نال حظًّا من العتبى أعادينالم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم ** رأيا، ولم نتقلد غيره ديناما حقنا أن تقروا عين ذي حسد ** بنا، ولا أن تسروا كاشحا فيناكنا نرى اليأس تسلينا عوارضه ** وقد يئسنا فما لليأس يغريناويقول مرة ثالثة :بنتم وبنا، فما ابتلت جوانحنا ** شوقا إليكم ولا جفت مآفينانكاد حين تناجيكم ضمائرنا ** يقضي علينا الأسى لولا تأسيناحالت لفقدكمو أيامنا فغدت ** سودًا، وكانت بكم بيضًا لياليناإذ جانب العيش طلق من تآلفنا ** ومورد اللهو صاف من تصافيناوإذ هصرنا فنون الوصل دانية ** قطافها، فجنينا منه ما شيناليسق عهدكمو، عهد السرور، فما ** كنتم لأرواحنا إلا رياحينالا تحسبو نأيكم عنّا يغيرنا ** إن طالما غيَّر النأي المحبيناوالله ما طلبت أهواؤنا بدلاً ** منكم، ولا انصرفت عنكم أمانيناولا استفدنا خليلا عنكم يشغلنا ** ولا اتخذنا بديلا منكم يسليناويقول أيضا :يا ساري البرق غاد القصر واسق به ** من كان صرف الهوى والود يسقيناوأسألك هناك هل عني تذكرنا ** إلفا تذكره أمسى يغنيناويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا ** من لو على البعد حيا كان يحيينافهل أرى الدهر يقضينا مساعفة ** منه، وإن لم يكن غبًّا تقاضيناويقول :إذا انفردت وما شوركت في صفة ** فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينايا جنة الخلد أبدلنا بسدرتها ** والكوثر العذب زقوما وغسليناكأننا لم نبت والوصل ثالثنا ** والسعد قد غض من أجفان واشيناإن كان قد عز في الدنيا اللقاء بكم ** في موقف الحشر نلقاكم ويكفيناسران في خاطر الظلماء يكثمنا ** حتى يكاد لسان الصبح يفشينالا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت ** عنه النهى وتركنا الصبر ناسينالم ترد أخبار كثير عن قصة هذا الحب مع أنه قد عرف بها وشاع ما كان بينهما.لكن لا بأس فقد كانت فرصة تعرفتم فيها على شخصية أدبية قلما تنجب الأمهات مثلها.
هدى
11-01-2005, 04:20
أهلين يا باشق هل الحب النقي دائما مصيره الفشل ما بظن يا باشق الظروف هي اللي تتحكم في مصير هالحب مش لأنو صادقبالعكس لو كان الحب صادق ونقي ممكن ينجح أكثروالله تجربتهم ممكن تصير ليش لا لو لقت الناس اللي تستاهل تحمل هالنوع من الحبالمشكلة كلها تدور حول الظروف لو قدر الطرفيت يتخطوها ممكن حبهم ينجح ويصير أحسن من هالحب اللي بنكتب عنوأتمنى لك التوفيق يا باشق وتلاقي هالنوع من الحب ما في أحلى من الحب الطاهر والنقي حتى لو كانت نتيجته الفشل
عامر
15-01-2005, 12:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة مشكور على القصة ولكن لو كانوا يعيشون في هذا الزمن هل تنتهي نفس النهايةمن ناحيتي لااظن ففي هذاالزمن لاوجود للحب الحقيقي
هدى
23-01-2005, 12:25
أبو نواس وجنانأبو نواس، الشاعر المعروف الذى عاصر الخليفة المهدي ثم الرشيد ثم الأمين، مات قبل أن يدخل الخليفة المأمون بغداد.قرأنا عنه وله كثيرا من الشعر ، ولكن آخر ما يتوقعه المرء أن يتأكد حب أبى نواس لجارية من بنات عصره، كانت تدعى جنان .قال أغلب الذين كتبوا عن أبي نواس إن حبه لجنان كان صادقا، وكان حقيقة لم ينكرها أبو نواس ولا أنكرها أحد ممن عاصروه سوى قلة منهم شكوا في جديته .فما هي حكاية أبي نواس وجنان والحب من أول نظرة .كان أبو نواس شاعرا فذا أجمع شعراء عصره على تميزه حتى أن الشاعر أبا العتاهية وسط أحد أصدقائه يطلب منه ألا يقول الشعر في الزهد حتى لا يتفوق عليه .وقد اشتهر أبو نواس بالمجون والزندقة، ولم يكن يخفي ذلك أو ينكره بل كان يجاهر بشذوذه، ويحكي عن مغامراته.ويقول أبو الفرج الأصفهاني أن أهل أبي نواس حاولوا أن يزوجوه حتى ينصلح حاله فأبى عليهم ولكنهم ظلوا يلحون حتى أذعن أخيرا فزوجوه جارية جميلة من أهل بيته، لكنه أعرض عنها، وطلقها.وعلى الرغم من ذلك ذكرت الأخبار أنه كان يعجب ببعض الجواري وأنه عشق جارية وطلبها من صديقه ذات مرة، وأصر على أن يهديها له، وأخيرًا حدث للحسن بن هانئ، ما لم يكن يتوقعه هو ولا أصدقاؤه .لقد وقع في الحب، الحب من أول نظرة كما يحدث لشاب غرير في بداية الصبا وليس لديه أية تجارب في الحياة .ويقول لنا صاحب الأغانى : إن أبا نواس لم يصدق في حب امرأة غيرها .وكان أول كلفه بها أنها مرت، وهو جالس مع فتيان من أهلها يتنزهون وينشدهم، فأبرزت عن وجه بارع الجمال، فجعل ينظر إليها، وأنشأ يقول :إني صرفت الهوى إلى قمر ** لم تبتذله العيون بالنظرإذا تأملته تعاظمك إلا ** قرار في أنه من البشرثم يعود الإنكار معرفة ** منك إذا قسته إلى الصوروشغف بها حبا وهام بها، وقال فيها أشعار كثيرة وشكا وجده بحبها وهو لا يعرفها، وسأل عنها فلم يقع على خبر منها بعد اليوم الذي رآها فيه. :وتناقل أهل البصرة شكايته من حبها وشعره فيها، وأكثروا ذكره في كل محفل وجمع .فمن هي تلك المرأة التي فعلت ذلك بأبي نواس شاعر الخمرة.تلك كنت جنان جارية آل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي المحدث ويصفها أبو الفرج قائلا : " كانت جنان حلوة، جميلة المنظر، بديعة الحسن، أديبة عاقلة ظريفة، تعرف الأخبار وتروي الأشعار، وكانت مقدودة حسنة القوام " .تلك إذن صفات المرأة التي لابد وأن تخلب لب الرجل مهما كان فاسقا أو منحرفا.ويستوقفنا وصف الأصفهاني لجنان بأنها كانت أديبة تعرف الأخبار وتروي الأشعار ، أي أنها لم تكن مجرد وجه مليح وقوام معتدل، بل كانت ذات ثقافة وموهبة.ولم تكن امرأة مثل أغلب جواري ذلك الزمان، بل كانت تفضل صحبة النساء على الرجال، وكانت حريصة على أداء فرائض دينها .وقد بلغ أبا نواس يوما أن معشوقته جنان قد عزمت على الحج.فقال : أما والله ما يفوتني الحج والمسير معها عامي هذا، إن أقامت على عزيمتها، فظُن مازحا، ولكنه لم يكن يمزح بدليل أنه سبقها إلى الخروج .هههههههههسبحان الله مغير الأحوال.جنان إذن كانت قادرة على أن تُقوِّم اعوجاج الشاعر الكبير، وأن تعيده إلى الصراط المستقيم فقد ذهب فعلا إلى الحج، وأحرم، ويقول الذين شاهدوه بالحج، أنه جعل ينشد الشعر، ويطرب في صوته بالليل حتى فتن به كل من سمعه.يقول :إلهنا ما أعدلك ** مليك كل من ملكلبيك قد لبيت لك ** لبيك إن الحمد لكوالملك لا شريك لك ** ما خاب عبد ساءلكأنت له حيث سلك ** لولاك يا رب هلكولكن الناس لم تصدق أن أبا نواس يمكن أن يتوب عن آثامه الكثيرة بسبب حبه لامرأة.أما جنان نفسها فلم تكترث بحب أبي نواس لها وافتتانه بها، ولم تتحرك في قلبها أية عاطفة تجاهه، على الرغم من كل تلك الأشعار التي كان أبو نواس يعبر فيها عن حبه العميق لها، وكانت جنان تسخر من أبي نواس، حتى أنها خرجت ذات يوم هي وصاحبة لها حتى التقيا بأبي نواس، فلما رآها كاد أن يذهب عقله وتحير وراح يدبر ويقبل، أي أنه تصرف كتلميذ مراهق التقى مصادفة بمن يحب، وراحت صاحبة جنان تمازحه وتقول له : اجعلنى رسولاً إليها، فلعل الله أن يمن علي وعليك ، فلما بلغ ذلك جنان غضبت من صاحبتها ، وقالت لها : مثل هذا الكلب تطمعينه في !وكان أبو نواس يعلم أن جنان تحتقره وتسبه فقد تقرب من الثقفيين الذين كانت تنتمي إليهم وأصبح يزورها ويتحين الفرص ليبعث إليها بالرسائل التي تفيض حبا ووجدا، فكانت تسبه أمام من يرسلهم إليها، وتقول إنه كذاب.يقول :وما صدقت ولا رد عليها ** ولكن الملول هو النكوثولي قلب يناز عنى إليها ** وشوق بين أضلاعى حثيثرأت كلفي بها ودوام عهدي ** فملتني كذا كان الحديثشكته جنان يوما إلى مولاها، وشتمته فذكر له ذلك .فقال : من سبني من ثقيف فإنني لن أسبه.فكان ذلك مما عطفها ورقق قلبها، وكان أول الأسباب إلى وصلها .ويبدو أن أبا نواس كان يتخيل كل ذلك وأن جنانا قد رضيت عنه وقبلت أن تلتقي به، وأن قلبها لان له وأصبحت تحبه، ويتخيل أنه كان يغضب منها ويهجرها ويقول أنها أرسلت إليه رسولا لتصالحه، فرده ولم يصالحها، ثم رآها في النوم تطلب صلحه، ويقول عن ذلك :دست له طيفها كيما تصالحه ** في النوم حين تأبى الصلح يقظانافلم يجد عند طيفي طيفها فرجا ** ولا رثى لتشكيه ولا لاناحسبت أن خيالي لا يكون كما ** أكون من أجله غضبانافكيف يستقيم هذا الادعاء مع ما ذكره هو عدة مرات من أنها كانت تشتمه كلما تحدث أحد عنه، وكانت تلقبه بالكلب والكذاب والكثير من الألقاب السيئة، وتشكوه لمولاها وهو نفسه يقول ذلك.فما كلامه السابق إلا حلما من احلام اليقظةيقول أبو نواس :وبأبي من إذا ذكرت له ** وطول وجدي به تنقصنيلو سألوه عن وجه حجته ** في سبه لي لقال يعشقنينعم إلى الحشر والتناد نعم ** أعشقه أو ألف في كفنيلا أنثني ويك عن محبته ** ما دام روحي مصاحبا بدنيأصيح جهرا لا أستسر به ** عنفني فيه من يعنفنىيا معشر الناس فاسمعوه وعوا ** أن جنانا صديقة الحسنوكانت نتيجة هذا الكلام أن أهل جنان حجبوا جاريتهم عن أبي نواس، وأرسلوها إلى دار لهم في بلدة أخرى تدعى حكمان لكي ينساها، فكان يقصد الجبل بالبصرة فيسأل كل من أقبل من تلك الناحية وينشد :اسـأل القادمين من حكمان ** كيف خلفتما أبا عثمانوأبا مية المهذب والما ** مول والمرتجى لريب الزمانفيقولان لي جنان كما سر ** ك في حالها فسل عن جنانمالهم لا يبارك الله فيهم ** كيف لم يغن عندهم كتمانىصرت كالسئن يشرب الماء فيما ** قال كسرى بعلة الريحانأو كما قيل قبل إياك أعني ** واسمعوا يا معاشر الجيرانفهو يتظاهر بالسؤال عن رجال آل ثقيف ولكن الكل يعلم أنه لا يعنيه إلا جنان، وقد بلغ ذلك الخبر مولاة جنان فبعثت إليه وقال له : إن أردت وهبتها لك .ولكن جنان مانعت في الزواج منه، واشترطت عليه ألا يعود إلى شذوذه، ولم يستطع هو أن يعدها بذلك .وكانت نهايتهما التي لا نعلم منها إلا هذه.
هدى
23-01-2005, 12:36
ليش هالتشاؤم بس يا عامرالحب الحقيقي موجود طول ما هناك ناس طيبة وتحب عن جدهو صحيح هالحب لو كان في هالوقت كان عاش أكثر لأنو شباب وبنات اليوم غير جيل زمانيعني هلا اللي بدو بنت يشاور عليها وياخذها مو مثل زمان بيقتنعوا بالاصول والعادات والتقاليد حتى لو كانت ظالمةالدنيا لساتها بخير يا عامر
الباشق
23-01-2005, 12:55
كثير حلوة القصة تسلم ايدك
هدى
23-01-2005, 01:37
يسعدني جدا مرورك يا باشق مرورك تشجيع إلي
هدى
24-01-2005, 02:17
عبد الله بن علقمة وحبيشةعبد الله بن علقمة وابنة عمه حبيشة.كلاهما من بني عامر بن عبد مناة.ربط الحب بين قلبيهما وهما صغيران، فقد خرجت به أمه وهو غلام لتزور أم حبيشة وكانت جارة لها، وهناك رآها فأعجبته، وانطلقت سهام الحب لتجمع بين القلبين في قصة غرام عنيف لم تفلح جميع المحاولات التي قام بها أهله وأهلها في وضع حد له.لقد هام كل منهما بصاحبه، وأخذ يقول فيه الشعر، وكان كلاهما شاعرا، وحال أهلها بينهما، ولكن هذا لم يزدهما إلا غراما، فأخذا يتبادلان الرسائل والأشعار.ثم تعرضت قبيلتهما لغزوة قام بها خالد بن الوليد رضى الله عنه بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة.ووقع ابن علقمة أسيرا فى أيدي المسلمين، ووقعت حبيشة كذلك، وسيق هو لتضرب عنقه، ولكنه قبل ذلك طلب أن يراها قبل أن يلقى مصرعه، وتناول يدها فى يده وهو ينشدها شعره.ضربت عنقه ووضعت حبيشة رأسه فى حجرها، وجعلت وتبكيه بأبيات لها ظلت ترددها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.
هدى
26-01-2005, 05:11
يزيد وحبابةكان قيس وجميل وكثير وعروة من عامة الشعب، أما يزيد بن عبد الملك فقد كان من خلفاء الدولة الأموية، ولي الحكم بعد عمر بن عبد العزيز الذي كان معروفا بزهده وعدله وورعه .أما يزيد فكان يختلف عنه تماما عشق جارية تدعى حبابة، كانت رائعة الجمال، وكانت أيضا تمتلك صوتا عذبا وتغني في نفس القصر الذي عاشت فيه المغنية العربية الشهيرة سلامة .هام يزيد بصوت حبابة فلما رآها وقع في حبها وعرف عنه ذلك، حتى إن زوجته عندما فكرت في أن تهديه هدية تملكه بها قدمت له حبابة هدية !كان يزيد خليفة عندما دخلت عليه زوجه سعدة، وسألته : هل بقي عليك من الدنيا شئ لم تنله ؟رد الخليفة بلا تردد : نعم … الغالية، وكانت حبابة، تلقب بالغالية .صفقت زوجة الخليفة فدخلت حبابة وقالت سعدة لزوجها: هذه هي، وهي لك فسماها حبابة وعظم قدر زوجته سعدة عنده، بل أصبحت تستخدم الجارية كي تنال منه ما تريد، وكانت قد اشترطت عليها ذلك قبل أن تقدمها لزوجها.ويحكى أن الخليفة يزيد بن عبد الملك ازداد ولعا بالجارية، فكان ينصرف عن أمور الدولة ويقضي أغلب وقته معها يستمع لأغانيها.وضج بذلك رجال البلاط، فحالوا بينه وبينها فترة، ولكنه عاد إليها أشد شوقا وولعا.وإن كانت حكايات العاشقين الآخرين تتأرجح ما بين الخيال والحقيقة، فإن حكاية يزيد بن عبد الملك وحبابة تدخل في صلب التاريخ، وتحكي الأعاجيب عن حزنه الشديد على تلك الجارية بعد وفاتها .أما سبب الوفاة فكان حبة رمان، أو عنب، وقفت في طريق تنفسها وهما في قصر بالشام، وماتت أمام عينه ومع ذلك لم يتحرك، ولم يأمر بدفنها بل ظل وحده معها ولمدة ثلاثة أيام يبكي .فلما فاحت رائحة جسدها دخل عليه رجاله، وعاتبه ذوو قرابته قائلين : قد صارت جيفة بين يديك !هنا فقط سمح لهم أن يغسلوا الجثة ويدفنوها، ثم مات بعد دفنها بخمسة عشر يوما !
هدى
27-01-2005, 05:44
كثير وعزةكان كثير شاعرا كبيرا يقارن بجرير والأخطل والفرزدق .ذات يوم كان يرعى بغنمه ، فمر على مجموعة من النسوة، أرسلن إليه فتاة صغيرة لتطلب منه أن يبعهن كبشا، ويأتمنهن على ثمنه حتى الغد .نظر كثير إلى الفتاة الصغيرة فسحرته عيناها، ومن أجل خاطرها قبل الصفقة، وأعطاها الكبش ثم مضى في طريقه .عند عودته التقى كثير بالنسوة، فأرسلن إليه ثمن الكبش مع إحداهن، فراح يسألها عن الصبية التي جاءته في المرة السابقة وعرف اسمها، إنه عزة .وصار يتغنى بها .وكما يحدث لكل العشاق، فكر كثير في الاقتران بحبيبة القلب، ولكن المحظور كان قد وقع.لقد وصل أمر تشببه بها إلى أهلها، فرفضوه، على عادة العرب أن يزوجوها له .أما عزة فكان لها شأن آخر، لقد أحبت كثيراً، ورضيت أن تلتقي به سراً .وكان كثير يروي قصص لقاءاتهما في أشعاره، وأكثر من ذلك .لكن البعض تشكك في صحتها، وتشكك آخرون في إخلاصه لعزة .ومما رواه كثير، ويشبه الاعتراف، أنه سار ذات يوم خلف امرأة منقبة تميل في مشيتها، وظل يطاردها ويطالبها أن تتوقف وتتحدث معه وتعرفه بنفسها .إلى أن توقفت المرأة المنقبة وقالت له : ويحك ! هل تركت عزة فيك بقية لأحد ؟!فأجاب كثير : بأبي أنت، والله لو أن عزة أمة لي لوهبتها لك .عندئذ أسفرت المرأة عن وجهها، وكانت المفاجأة مذهلة.إنها هي نفسها عزة بدمها ولحمها !ويقول كثير إنه ندم أشد الندم وراح ينشد :ألا ليتنى قبل الذي قلت شيب لي ** عن السم خضخاض بماء الذراحأقسمت ولم تعلم على خيانة ** وكم طالب للريح ليس برابحهذه كل ما نعرف عن القصة ولا ندري بما انتهت
هدى
28-01-2005, 04:54
علي بن أديم ومنهلةفي حكايات الحب التي ذاعت في صدر الإسلام عشاق كثيرون ماتوا حبا وذابوا وجدا وانصهرت حياتهم، فسكبوها قطرة قطرة فوق ثرى حب لم يكتمل، ولكن علي بن أديم الجعفي اشتهر بأنه كان آخر شهداء الغرام .هذا اللقب منحه له أهل الكوفة في نهاية القرن الثاني الهجري، أي القرن الثامن الميلادي، وراحوا يتداولون أخباره وحكاياته مع حبيبته منهلة، ويلقبونه بالعاشق .ثم جاء أبو الفرج الأصفهاني ليذكره في كتابه "الأغانى" على أنه حكاية واقعية لم يشك لحظة في حدوثها، بل ينقلها عن عدة مراجع موثوق بها، ويذكر الشعر الذي قاله علي بن أديم في منهلة في أكثر من مناسبة .وحكاية علي بن أديم لابد أن تستوقفنا فيها عدة أمور، ونحن نسترجع التاريخ في ذلك الوقت المبكر .فمن حكايات الأصفهاني نعلم أنها حدثت في زمن أم جعفر " زبيدة "، زوجة الخليفة هارون الرشيد وأم الخليفة الأمين، وقد عاشت أيضا في زمن الخليفة المأمون، فمن الممكن إذن أن تكون حكاية علي بن أديم قد حدثت خلال حكم أحد هؤلاء الخلفاء أو قبلهم أو بعدهم، أي في الفترة من 170 إلى 218 هجرية .الأمر الثانى الذي نحب أن نتأمله معا هو ظروف هذه الحكاية التي تجعلها تختلف تماما عن كل حكايات الحب العذري التي سبق وعرضت .إن حكاية علي بن أديم ومعشوقته منهلة تختلف عن حكايات قيس وكثير وجميل وذي الرمة … الخ .فابن أديم لم يكن بدويا بل كان حضريا يعيش بالكوفة، واحدة من مدن العراق التي أسسها العرب في بداية الدولة الاسلامية .والكوفة في تلك الفترة كانت تموج بالأفكار والحركات السياسية وبالمؤامرات والصراعات والثورات، شأنها شأن بقية مدن العراق أثناء حكم العباسيين .والأمر الثالث أن منهلة لم تكن بنت عم علي، ولا واحدة من بنات القبائل العربية المجاورة كما كان يحدث في قصص العذريين، بل كانت جارية لبعض نساء بني عبس، ويبدو أن بني عبس أحسنوا معاملتها، وأرسلوها إلى الكتاب لتتعلم القراءة والكتابة .فهذه الجارية التي عشقها علي بن أديم لم تكن بدوية، ولم تكن عربية صميمة، لأن الجواري في ذلك الوقت كن من نساء المحاربين الذين هزمهم العرب الفاتحون، أي من الروم والفرس … إلخ .وكان العرب يتخذونهن رقيقا وسبايا، يتصرفون فيهن كما يشاؤون، ولم يكن الأمر مقصورا على بنات وزوجات الجنود بل على نساء الأسر الكريمة أيضا وأحيانا الأسرة الحاكمة .ويقال أن عليا بن أديم رأى منهلة وهي تذهب إلى الكتاب، فتعلق بها وهي لا تزال صبية، وكان يذهب إلى الكتاب، ويظل يجلس فيه ليتأمل فتاته ويتابعها، وهي تتعلم، ولابد أن عليا أعجبه في تلك الفتاة ذكاءها،وتأدبها، وليس فقط جمالها.فالأصفهاني يصفه قائلا : " هو رجل من تجار أهل الكوفة ،كان يبيع البز " أي الثياب "، وكان متأدبا صالح الشعر" .وكانت منهلة ترتدي السواد، أو لعله كان لونها المفضل ولذلك قال علي بن أديم فيها هذه الأبيات :إني لما يعتادني من حب لابسة السوادفي فتنة وبلية ما أن يطيقهم فؤاديفبقيت لا دنيا أصبت وفاتني طلب المعادولم يتوقف علي بن أديم على مجرد الإعجاب بمنهلة وقول الشعر فيها، وإنما انتظر حتى بلغت سن الزواج وأسرع يحدث أباه في شأنها ويطلب خطبتها.ولقد وافق الأب ابنه بعد أن رأى منهلة، أو لأنه يثق في ذوق الابن وحكمته .لأنه لم يوافق فقط على طلب يد منهلة، بل ذهب إلى بعض تجار الكوفة وطلب منهم التوسط له لدى المرأة العبسية التي تمتلك منهلة، ولسبب ما، رفضت العبسية تزويج منهلة من الرجل الذي هام بها، وزوجتها لرجل آخر من بني هاشم .وها نحن نعود مرة أخرى إلى نفس ما كان يحدث في البادية، فلا نعلم إن كانت البنت قد استشيرت في أمر زواجها فاختارت الرجل الآخر، أم أن أحداً لم يكن يعبأ برأي النساء فيمن سيشاركهن حياتهن، وكان الاتفاق يحدث بين ولي أمر الفتاة وطالب يدها.الطريف أن عليا بن أديم لم يطق ذلك الظلم، ولم يصبر بل غادر الكوفة إلى بغداد حيث تقيم أم جعفر، زبيدة زوجة هارون الرشيد وأم ابنه الخليفة الأمين، وطلب منها أن تساعده لكي يحصل على تلك الجارية ويتزوجها على سنة الله ورسوله.ويبدو أن ذلك كان عرفا متبعا، أن يلجأ الناس إلى افراد الأسرة الحاكمة ويطلبوا مساعدتهم. ليس ماديا فقط وإنما اجتماعيا أيضا .ونستطيع أن نتصور أن أم جعفر تعاطفت مع الشاب العاشق وأخرجت له توقيعا بما أحب أي خطابا توحي فيه للمرأة العبسية بالموافقة على زواج علي من منهلة.ولكن بينما كان علي ينتظر بباب أم جعفر، إذا بامرأة تخرج من دارها وتسأل: أين العشاق ؟ فأشار الناس إليه .فقالت : " أنت عاشق وبينك وبين من تحب القناطر والجسور، والمياه والأنهار، مع مالا يؤمن من حدوث الحوادث فكيف تصبر على هذا إنك لصبور جسور.وشعر علي بالقلق وأصابه جزع شديد، فأسرع يؤجر بغلا ليسافر به عائدًا إلى الكوفة، وهناك علم بأمر زواج منهلة من الرجل الآخر وسفرها معه خارج الكوفة، فأنشد أبياتا غناها مطرب ذلك الزمان تقول :صاحوا الرحيل وحثني صحبي ** قالوا الرواح فطيروا لبيواشتقت شوقا كاد يقتلني ** والنفس مشرفة على نحبلم يلق عند البين ذو كلف ** يوما كما لاقيت من كربلا صبر لي عند الفراق على ** فقد الحبيب ولوعة الحبوبالفعل لم يصبر علي على فقد منهلة فمات حزنا عليها بعد ثلاثة أيام من خروجها.وبلغها خبره فماتت بعده، فعمل أهل الكوفة لهما أخبارا، أي دونوا حكايتهما، وحفظوا أشعار علي بن أديم وهي قليلة جدا وصاروا يتناقلون الحكاية بينهم، وأصبح علي بن أديم الجعفي من بني أسد كما يقولون آخر من مات من العشق.
الباشق
28-01-2005, 07:05
ماشالله عليك شاطرة بالقصص تسلم ايدك انا اول مرة اسمع بالقصة هاي وفقك الله
هدى
29-01-2005, 11:59
القس وسلامةهو عبد الرحمن بن أبي عمار الجمشي من أهل مكة.وهي سلامة، مولدة من مولدات المدينة كانت مملوكة لسهيل بن عبد الرحمن بن عوف.هو كان يوصف بأنه من أعبد أهل مكة، وقد لقبوه بالقس لكثرة تعبده.وهي كانت من أشهر مطربات عصرها، وكانت أيضا سيدة صالون من الطراز الأول، تستقبل الشعراء فينشدونها وتنشدهم الشعر، ويتغنون بجمال صوتها وظرفها ويتنافسون للحصول على رضائها .حكايتها اشتهرت وشاع خبرها في الربع الأخير من القرن الهجري الأول، أثناء خلافة عبد الملك بن مروان وأبنائه .والحكاية بدأت بصدفة، ولكنها كانت خيراً من ألف ميعاد .فلأمر ما ذهب الناسك المتعبد إلى المدينة .والحجاز في صدر الإسلام كانت الحياة فيها كما يصفها كاتب الأغاني حياة فرح ومرح ومغنى وطرب، إلى جانب الزهد والورع والتقوى والحديث والفقه.كان عبد الرحمن بن أبى عمار مارا فسمع غناء سلامة، فوقف وراح ينصت، وقد أعجبه صوتها وأداءها إلى الحد الذي جعله غير قادر على التحرك من مكانه.ورآه مولاها، ولاشك أنه عرفه وعرف قدره حتى أنه رحب به وقال له : هل لك أن أخرجها إليك أو تدخل فتسمع! فأبى.فقال مولاها: أأقعدها في موضع تسمع غناءها ولا تراها فأبى.فلم يزل به حتى أخرجها فأقعدها بين يديه، فغنت له .وصار عبد الرحمن بن أبي عمار يتردد على دار أبي سهيل مدة طويلة فيستمع إلى سلامة وهي تغني، ثم يتحدثان معا وسط الناس.وكانت حكايتهما قد ذاعت بين أهل مكة، وأصبح الناس يتهامسون بما يجري في دار سهيل، وذلك الفقيه الورع الذي تحول إلى عاشق متيم بالمغنية.ولعل سلامة أرادت أن تطور العلاقة بينهما فهي أيضا قد شغفت بذلك المعجب المفتون، وبأدبه وشخصيته المهذبة.وهي جارية، يستطيع لو أراد أن يشتريها من مالكها، فتصير ملك يديه، أو يستطيع أن يشتريها منه، ويحررها ثم يتزوجان على سنة الله ورسوله.لابد أن يحدث شيء لينقذ سمعة الفقيه، ويخفف عن قلبها لوعة الاشتياق ومرارة الحيرة والضياع . إنها مثل أي أنثى تتوق إلى حياة مستقرة هانئة حيث يمكنها أن تعتق من حياة الليل والسمر والغناء.لكن عبد الرحمن بن أبى عمار كان له موقف آخر .فلابد أنه خشي على حياته من سيطرة الحب.لقد أدرك أنه إذا ما امتلك سلامة فلن ينشغل بشيء آخر سواها .ولعلها ستغير حياته تماما، وتصرفه عن الفقه الذي تخصص فيه، والورع الذي عرف عنه حتى أن الناس كانوا يشبهونه بعطاء بن رباح، أحد التابعين ومن أجَلِّ فقهاء مكة وزهادها، ولعله كان يتطلع لأن تكون له مكانته، فيجلس في المسجد الحرام ويجتمع الناس حوله، فيفتيهم ويحدثهم ويعلمهم، كما كان عطاء يفعل.فما أن تطور الحديث بينه وبين سلامة حتى أجابها : يمنعنى عنك قول الله عز وجل: ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) فأكره أن تحول مودتي لك عداوة يوم القيامة ثم خرج من عندها فما عاد إليها بعد ذلك .هذه الحكاية توقفت عند مغادرة عبد الرحمن دار سلامة، ولا نعرف إن كانت سلامة حاولت أن توسط بينها وبينه واحدا من الشخصيات المعروفة التي كانت تتردد عليها وتستمع لغنائها، كالأحوصي أو قيس بن عبد الله الرقيات اللذين كانا يعلمان بأمر عشق القس لها، فقد قال قيس الرقيات في ذلك :لقد فتنتا ريا وسلامة القسا ** فلم تتركا للقس عقلا ولا نفسافتاتان أما منهما فشبيهة الـ ** هلال وأخرى منهما تشبه الشمساوريا أخت سلامة وكانت تلازمها أثناء زيارة القس لها .وعلم الخليفة يزيد بن عبد الملك بأمر سلامة فقال :ما يقر عيني ما أوتيت من أمر الخلافة حتى أشتري سلامة.فأرسل الرسل إلى المدينة فاشتروا سلامة بعشرين ألف دينار.وعلم الخبر في المدينة، فتوافد الناس على سلامة ليودعوها ويسلموا عليها، وسارت هي في موكب كبير من أهل المدينة، فلما بلغوا مكانا يدعى سقاية سليمان بن عبد الملك، قالت للرسل لابد أن أتوقف لأودع القوم فأذن للناس عليها، فانقضوا حتى ملؤوا فناء القصر الذي كانت تستريح فيه، فوقفت بينهم ومعها العود وراحت تغني :فارقوني وقد علمت يقينا ** ما لمن ذاق ميتة من إيابأن أهل الحصاب قد تركوني ** مولعا موزعا بأهل الحصابولم تزل تردد القصيدة حتى راحت، وانتحب الناس بالبكاء عند ركوبها، فما بقى أحد إلا بكى .هكذا كان تأثير الفن على أهل المدينة قبل أن ينصرم قرن واحد على هجرة رسول الله ( ص ) إليها .كانوا يطلقون لأنفهسم العنان فيعبرون بحرية عن إعجابهم الشديد بذلك الفن والموهوبين فيه . حتى أن واليا جديدا ولى على المدينة ونصحه البعض بأن يغلق دور اللهو ويطهر المدينة من الغناء والمجون .فاستمع للنصيحة وأنذر اهل الطرب أن يخرجوا جميعا من المدينة وأعطاهم مهلة ثلاثة أيام .إلا أن أحد معجبي سلامة تحايل على الوالي الجديد حتى جعله يستمع لغنائها، فقام الوالي من مجلسه فقعد بين يديها ثم قال: لا والله فما مثل هذه تخرج .قال ابن عتيق : لا يدعك الناس يقولون أقر سلامة وأخرج غيرها.قال : فدعوهم جميعا.أما الخليفة فما استقبل سلامة حتى قال: أنا الآن كما قال الشاعر :فألقت عصاها واستقر بها النوى ** كما قر عينا بالإياب المسافروأما الفقيه عبد الرحمن بن أبى عمار، فلم تذكر عن فقهه الكتب شيئا، وإنما فقط خلدت أشعاره التي قالها في حبه لسلامة ومنها تلك القصيدة التي كانت أول ما غنت سلامة لوليد بن اليزيد :ألا قل لهذا القلب هل أنت مبصر ** وهل أنت عن سلامة اليوم مقصرألا ليت أني حين صار بها النوى ** جليس لسلمى حيث ماعج مزهروإني إذا ما الموت زال بنفسها ** يزال بنفسي قبلها حين تعبرإذا أخذت في الصوت كاد جليسها ** يطير إليها قلبه حين ينظركان حماما رايعا مؤدبا ** إذا نطقت من صدرها يتغشمر
هدى
29-01-2005, 12:02
تسلم يا باشقوأنا يسعدني لما تقرأ في مواضيعي شيء لأول مرةهدفي الفائدة لك ولي وللجميعبالتوفيق
هدى
31-01-2005, 10:20
الصمة ورياالصمة القشيري، عاشق آخر من الذين ذاع صيتهم، وتناقلت الأفواه حكاياتهم في صدر الاسلام.ومثل أغلب عشاق ذلك الزمن نجد أن الصمة كان بدوياً، أي أنه ولد ونشأ وترعرع في الصحراء، ولابد أن للصحراء ذلك التأثير السحري على القلوب .وتتكرر قصة روميو وجوليت ولكن على الطريقة العربية، فالصمة كان ينتمي إلى عائلة ثرية، وكثيرا ما يرتبط الثراء بالشح والطمع .ولابد أن والد الصمة كان شحيحاً، بينما كان عمه طماعاً ولذلك نشأت بينهما عداوة ما، كان الصمة وحبيبته ضحيتين لها.وكما حدث في أغلب حكايات العشق البدوي في العصر الأموي، تطلع بطلنا حوله فلم يجد سوى بنت عمه فهام بها حبا، وما أن شب عن الطوق حتى تقدم إلى عمه راغبا في خطبتها.ويبدو أن العم كان يدرك أن هذا اليوم سيأتي حتما، وكان يتحين الفرص لينتقم من أخيه، لسبب ما .وبدلا من أن يرحب بابن أخيه ويوافق على الخطبة فوراً، راح يطلب مهراً غاليا لابنته، ويحدد عدد الإبل المطلوبة لا تنقص ولا تزيد، بل ونوعها أيضاً.ويقال إن الصمة لجأ إلى أبيه ليحصل منه على ذلك المهر، لكن الأب رفض.فلم ييأس العاشق الولهان ولجأ إلى عشيرته طالبا المدد، فعاونوه، أي جمعوا من بعضهم الإبل المطلوبة.وفي حكاية أخرى أن الأب وافق بعد إلحاح وأعطى ابنه المهر المطلوب.أيا كان الاحتمال فالصمة قد ذهب إلى عمه، والفرحة لا تسعه.لقد حقق أخيراً، المطلب الصعب، وبقي أن يفوز ببنت عمه لتشاركه حياته ويعيشان في سعادة وهناء كما تنتهى دائما الحكايات.ولكن يبدو أن العرب في صدر الإسلام كانوا على وعي بأن زواج الأقارب ظاهرة غير صحية، ينتج عنها أن يرث الأبناء الأمراض المزمنة بالعائلة، لذلك كانوا يضعون العراقيل في طريق كل من يحب بنت عمه ويسعى للزواج منها .أو لعلهم كانوا يعشقون الشعر، ويسعون بكل ما أوتوا من جهد إلى قدح زناد الشاعر، وإثارة قريحته، حتى يفرز لهم المزيد من الرحيق لينشدوه ويتغنوا به .هههههههههههه عن جد العرب في كل واد تلاقيهم شكل.ولولا الشعر ما وصلتنا حكايات الحب في صدر الإسلام فلأنهم كانوا شعراء، وكانوا موهوبين ولأن الناس أحبت أشعارهم وحفظوها ورددوها ثم لحنوها وغنوها، فخلدوها.ويحكي لنا أبو الفرج الأصفهاني في كتابه "الأغانى" أن الصمة لما ذهب إلى عمه بالأبل فوجئ به يتأملها مستنكراً، ثم طلب منه أن يعود إلى أبيه ليبدل بعضها، ففعل راجعاً إلى أبيه وطلب منه ذلك لكن الأب رفض بشدة .وتأمل وضع هذين الأخوين اللذين لا يتبادلان الكلام، وإنما يبعث كل منهما برسالته عن طريق العاشق المسكين، وكأنهما جعلا منه كرة يتقاذفانها، غير عابئين بما يمتلئ به من مشاعر وأحاسيس .وطبيعى أن يكتشف الصمة ذلك الوضع المهين الذي صار إليه، وأن يثور، وأن تصدر عنه كلمات تأنيب لكل من عمه وأبيه، ويتملكه الغضب العارم، فيقطع عقل الإبل، ويسرحها لتعود إلى أصحابها، وتستبد به نوبة الغضب، فيرحل بعيداً عن الحي الذي تعيش فيه قبيلته قاصداً أحد الثغور، وهناك تهدأ ثائرته ويفكر في الأمر ملياً، ويشعر بالندم فيعود إلى قومه .وكما حدث في أغلب قصص الحب في صدر الإسلام، تغيب عنا أخبار المرأة المحبوبة التي تدور حولها كل الحكاية، كل ما نعرفه عنها أنها كانت تدعى العامرية أو ريا ، وأن الصمة كان يذكرها في كل أشعاره القليلة التي خلدها أبو الفرج الأصفهاني وأنها كانت بنت عم له .أما موقف العامرية من الصمة، وهل كانت تحبه بقدر ما كان يحبها، وترغب فيه بقدر ما يرغب فيها، فهذا مالم يصل إلينا .نقرأ فقط أنها حين رأته راحلاً قالت :" تالله ما رأيت كاليوم رجلا باعته عشيرته بأبعرة " أي أنها لم تصرخ ولم تلحق به، ولم تطالبه بأن يصبر ويفكر في وسيلة للتغلب على والده ووالدها، بل كلماتها تدل على أنها لم تكن ترى أن والدها قد أخطأ .ويعود الصمة فماذا يجد ؟!يجد أن عمه قد زوج حبيبته من رجل قصير يدعى عامر بن بشرن ولعل عامرا ما كان قبيحاً ولا قصيراً، ولكنه بدا كذلك، في عين العاشق الولهان، وهكذا صوره في شعره قائلاً يخاطب أهلها:فإن تنكحوها عامراً لاطلاعكم ** إليه يدهدهكم برجليه عامروتختفى أخبار العامرية، فلا نعرف هل وفقت في زواجها أم لم توفق ، أما الصمة فقد زوجه أهله من امرأة تدعى جبرة بنت وحش، وذلك على أمل أن ينسى حبه لريا، ولكن جبرة هذه لم تجبر خاطره ولا استطاعت أن تملأ فؤاده أو تبرأه من علته، فإذا هو يضيق بالإقامة معها، ويهجرها بعد فترة راحلاً إلى الشام قائلاً لها:كلي التمر حتى تهرم النخل واضفري ** خطامك ما تدرين ما اليوم من أمسولا شك أن حبيبته ريا قد تناهى إلى سمعها ما قال فيها الصمة، وغناه المغنون :ألا تسألان الله أن يسقى الحمى ** بلا فسقي الله والحمى والمطالياواسأل من لاقيت هل مطر الحمى ** فهل يسألن عني الحمى كيف حالياإنه يسأل بشغف عن المكان الذى تعيش فيه حبيبته، ويدعو الله أن يسقيه بالمطر وهو الرياض التي تحيط به، ثم يتساءل في حسرة : هل يسأل عني الحمى أيضاً، وهل يهمه أن يعرف كيف حالى !وفي قصيدة أخرى أنشدتها المغنية قرشية الزرقاء يقول فيها :وأذكر أيام الحمى ثم انثني ** على كبدي من خشية أن تصدعافليست عشيات الحمة برواجع ** عليك ولكن خل عينيك تدمعاإن ذكرى أيام الحب، وما جرى فيها، لا تريد أن تبرح خياله حتى ليكاد كبده أن يتمزق حزناً وحسرة، وهو يعلم أن تلك الأيام الجميلة لن تعود أبداً، ومع ذلك يترك العنان لدموعه، عل البكاء يفيده .وقيل إن الصمة كان يجلس وحده ويبكي مخاطباً نفسه :"لا والله ما صدقت فيما قالت" فمر عليه رجل وسأله : من تعني ؟ ويحك ! أجننت ؟! قال : أعني التي أقول فيها:أما وجلال الله لو تذكريننى ** كذكري لك ما كفكفت للعين مدمعافقالت بلى والله ذكرا لو أنه ** يصب على هم الصفا لتصدعاأي أن الدموع التي تنهمر من عينيها كلما ذكرته لو أنها صبت على جبل لتصدع .فهي تؤكد له أنها تذكره كما يذكرها ، وبقدر ما يبكي على فراقها تبكي على فراقه .فهل يعني ذلك أن الصمة كان يلتقي بحبيبته ريا، بعد فراقهما، وأنه كان يبثها لواعج قلبه، ويحصل منها على تأكيد باستمرار حبها له، وتذكرها أيامه !هكذا تقول الأبيات ويقول كلامه لنفسه إنه يشك في صدقها، فهي قالت له كلاماً ولكنه لا يصدق ما قالته .أما باقي الحكاية التي يرويها صاحب الأغانى عن الصمة فتقول إنه أضاف بعد البيتين :" أسلي نفسي عنها وأخبرها أنها لو ذكرتني كما قالت لكانت في مثل حالي " .أي أنه ينكر ما جاء بها في البيتين وينسب ما فيهما للخيال .فهما حديث النفس للنفس .ويظل الصمة على هذا الحال، تكاد الحسرة أن تقتله، والشوق إلى حبيبته وابنة عمه ريا يستبد به، فيقرض الشعر، ويتلقفه المغنون يلحنونه ومنهم المغنية متيم الهاشمية التي غنت له هذه الأبيات :فوا حسرتي لم أقض منك لبانة ** ولم أتمتع بالجوار وبالقربيقولون هذا آخر العهد منهم ** فقلت وهذا آخر العهد من قلبيومن أحلى ما قال في ريا :جئت إلى ريا ونفسك باعدت ** مزارك من ريا وشعباكما معافما حسن أن تأتي الأمر طائعا ** وتجزع أن راعي الصبابة اسمعابكت عيني اليمنى فلما زجرتها ** عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معاهكذا عاش ذلك الشاعر ينفس عن مكنون قلبه بالشعر حتى آخر يوم في حياته.فقيل أن رجلاً كبير السن من أهل طبرستان عثر عليه ذات يوم مطروحا على الأرض في بستان، فدنى منه وسمعه يقول بصوت خفى :تعز بصبر لا وجدك لا ترى ** بشام الحمى أخرى الليالي الفوايركأن فؤادي من تذكره الحمى ** وأهل الحمى يهفو به ريش طائرقال الرجل :فما زال يردد هذين البيتين حتى فاضت روحه، فسألت عنه فقيل لي : هذا الصمة بن عبد الله القشيرى .فهل سكب الصمة حياته قطرة قطرة حسرة على ريا، أم ندما على هجرة بلدته، أم حزنا على أهله الذين فرقتهم الخلافات وفرقهم الشح والطمع!
هدى
01-02-2005, 03:05
المرقش وأسماءأحب المرقش ابنة عمه أسماء وهي صغيرة وأحبته، ونما الحب في قلبيهما، ثم خطبها إلى أبيها، فأخذ يماطله ويعده فيها المواعيد.ولعله لم يكن يراه كفؤاً لابنته، إذ يذكر الرواة أنه قال له : لا أزوجك حتى تعرف بالبأس وتزور الملوك.وكان أبوها عوف بن مالك من فرسان بكر المعدودين، وكذلك كان أخوه عمرو بن مالك، وهو الذي أسر مهلهل بن ربيعة أخا كليب فظل في أسره حتى مات.وانطلق المرقش يبني مستقبله ويرفع من شأنه حتى يكون جديرا بابنة عمه المحبوبة، فاتصل ببعض الملوك يمدحهم، وينال جوائزهم.ثم عاد إلى وطنه بعد سنين ليفاجأ بنبأ أذهله وجعل كل آماله تتهاوى في يأس قاتل وحزن مميت.لقد كان فى انتظاره نبأ موت صاحبته التي تغرب عن وطنه تلك السنين من أجلها، ودلوه على قبر قالوا له إنه قبرها.وارتبطت أيامه بهذا القبر يندب عنده حظه، ويبكي آماله، ويذوب كمدا وحزنا فوق أحجاره الصامتة.ثم تكون المفاجأة المذهلة حقا، لقد ترامى إلى سمعه ذات مرة أن أسماء لم تمت، وإنما تزوجها أحد الأثرياء في أثناء غيبته، بعد أن أطمع أباها في ماله الكثير، وهو من سادة مكان يقال له مراد وأن نبأ موت الحبيبة مفتعل، افتعله إخوته ليخفوا عنه الحقيقة المرة، ويتفادوا ما تجره وراءها من أحداث.وانطلق المرقش إلى ديار مراد في صحبة عبدين له، ولكن داء عضالا حل به فى الطريق، ويئس منه العبدان، حتى أنهما قطعا الأمل من شفائه، وظنا به الموت، وخلفاه في كهف بأرض مراد، وعادا إلى أهله ليعلنا لهم أنه قد مات.ثم تبين أخ له الحقيقة، فلقد سجل المرقش قصته مع العبدين في أبيات كتبها على رحله فقرأها أخوه الذي انطلق نحو أرض مراد باحثا عنه بعد أن قتل العبدين.وهناك عند الكهف علم أنه قد حمل إلى أسماء.لقد وردت على الكهف غنم عرف المرقش من راعيها أنها غنم المرادي زوج أسماء، فاحتال على الراعي حتى طرح خاتمه في اللبن الذي تحمله إلى أسماء جاريتها كل مساء.نفس الأسلوب الذي اتبعه عروة حين نزل ضيفا على زوج عفراء بالشام.وتعرف أسماء خاتم حبيبها القديم، وتعرف من الراعي موضعه بالكهف، وأنه تركه يعاني سكرات الموت، فتسرع هي وزوجها إليه ليعودا به إلى بيتهما.وفي أرض مراد حيث استقرت حبيبته يلفظ المرقش أنفاسه الأخيرة بعد أن يودع الحياة بأبيات من الشعر يصور فيها حيرته، وآماله الضائعة، وماضيه الجميل الذي قطعت عهوده ومواثيقه إلى الأبد.ولسوء الحظ لم تصلنا هذه الأبيات ولا ما قال فيها.
هدى
04-02-2005, 02:32
يزيد ووحشيةيزيد بن الطثرية، هكذا كانت شهرته فهو منسوب إلى أمه، وكانت من طثر، في اليمن، ومع ذلك فقد زعم بعض البصريين أنها لقبت بالطثرية لولعها بإخراج زبد اللبن، وتسمى طثرة اللبن فسميت بالطثرية .أما يزيد فهو بن الصيمة من بني قشير وقد اشتهر بحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، ولذلك لقب بالمودق، وهو من إذا جلس بين النساء فاقهن بجماله وحلاوة حديثه .كان يزيد بن الطثرية صاحب غزل ومحادثة للنساء، وكان ظريفا من أحسن الناس كلهم شعراً، وكان أخوه " ثور " سيداً كثير المال والنخل والرقيق، وكان متنسكا كثير الحج والصدقة، كثير الملازمة لإبله ونخله، فلا يكاد يلم بالحي إلا قليلا، وكانت إبله ترد مع الرعاء على أخيه يزيد بن الطثرية فتسقى على عينه.وحدث ذات يوم أن مر يزيد بإبل أخيه بعد أن انتهت من السقيا، فمر بخيمة كانت بها بعض النسوة، فلما رأينه قلن : يا يزيد أطعمنا لحما، فقال أعطينني سكيناً فأعطينه، ونحر لهن ناقة من إبل أخيه، وبلغ الخبر أخاه فغضب بشدة وشتمه وجذبه من شعره، فما كان من يزيد إلا أن أجاب بقصيدة شعر شرح فيها وجهة نظره .وكان ثور أخاه الأكبر، ويبدو أنه كان يحبه ويصبر عليه لأنه قال فيه :نغير على ثور وثور يسرنا ** وثور علينا في الحياة صبوروذلك دأبي ما حييت وما مشى ** لثور على عفر التراب بعيرولم يكن الأمر يقتصر على الجود من مال ثور، بل كان يزيد فيكثر من الاستدانة، فإذا أخذ بالدين قضاه عنه أخوه ثور .وذات مرة كثرت عليه الديون لأحد الأشخاص وعجز عن الوفاء بها فهرب منه، ولكنه اضطر للعودة لكي يلتقي بفتاة كان يحبها وتدعى أسماء، ولكن حبه لها لم يكن حبا حقيقيا بل كان إعجابا لا غير.وكانت جارة ذلك الرجل الذي استدان منه يزيد وهرب، ويبدو أن الرجل رآه فأمسك به وذهب به إلى الحاكم، وكان يدعى عقبة بن شريك فقضى بإيداعه السجن، وظل يزيد في السجن فترة ولكنه ضاق به، وراح يفكر في حيلة للهرب منه.وكان لعقبة بن شريك ناقة فتحايل يزيد على السجان بأن يتركه ليلة ليزور ابن عمه، وهناك استطاع أن يحصل على ناقة عقبة بن شريك فركبها وسار بها حتى وصل إلى عقبة نفسه، وأناخ بالناقة أمام بيته.وخرج عقبة من البيت ليجد يزيداً الذي كان قد سجنه راكباً ناقته .فلما نظر إليه عرفه وعرف الجمل، فقال : ويحك ! أيزيد أنت ؟قال يزيد: نعم .قال: وهذا ابن الكميت ( الجمل ) ؟قال : نعم .قال : ويحك ! فما شأنك ؟قال : يا عقبة، فار منك إليك، وأنشده قصيدة يطلب منه العفو، فلان له عقبة وعفى عنه، بل وأهداه الجمل أيضاً .وكانت من عادة القبائل العربية أن تتزاور، رجالا ونساء ويجلس الجميع معا ليتحدثوا ويرووا الأخبار وينشد الشعراء شعرهم .ويبدو أن حكايات يزيد بن الطثرية من هذا النوع كثيرة، وهى تذكر التدلل على ولعه بالحديث مع النساء ، وافتتان النساء به وعجز الرجال عن فعل أى شئ لمنعه عنهن أو منعهن عنه .ويذكر أبو الفرج الأصفهانى في كتابه حادثة من هذا النوع.وصادف أن جاءت جماعة من جرم اضطرت للجوء إلى بني قشير، مع أنه كانت بينهم وبين بني قشير حرب عظيمة، إلا أن ظروف الجفاف والجدب في تلك السنة اضطرتهم إلى أن يستجيروا بأعدائهم .وعلى عادة العرب أجارتهم بني قشير وساعدتهم وأرعتهم طرفا من بلادها .وهنا بدأت حكاية صاحبنا.لقد عشق يزيد امرأة من جرم، التقى بها في إحدى المرات ، وكانت تسمى وحشية، ويقول أبو الفرج أنها كانت من أحسن النساء، وأن جرم أبعدتها عنه فلم يجد إليها سبيلا، فصار من العشق إلى أن أشرف على الموت واشتد به الجهد وأنه عرض على الأطباء، ولكنهم فشلوا في علاجه وأنه فكر بالانتحار أيضا.ولما حاوره ابن عمه وأراد أن يثنيه عن ذلك قال له : وما همي يابن عم بنفسي وما لي فيها أمر ولانهي، ولا همي إلا نفس الجرمية ، فإن كنت تريد حياتي فأرنيها .قال : كيف الحيلة ؟ قال :تحملني إليها .وكان إذا قالوا له نذهب بك إلى وحشية يشفى قليلاً، وإذا أيس منها اشتد به الوجع .ولم يجد ابن عمه سبيلا إلا أن يحمله إلى الحي الذي تعيش فيه وحشية .وهناك اختبأ في جبل من الجبال، وراح ابن العم ويسمى بن بوزل يتعرض للرعاة ويسألهم عن وحشية، حتى لقي غلامها وغنمها فسأله عنها، فقال الغلام : هى والله بشر ! لاحفظ الله بني قشير ولا يوم رأيناهم فيه ! فما زالت عليلة منذ رأيناهم .فقال بن بوزل : ويحك ! فإن ها هنا إنسانا يداويهما، فلا تقل لأحد غيرها .وأخيراً حدث اللقاء، فاستقبلته وحشية في بيتها ، وفي الغد جمعت له من تثق فيهن من صاحباتها وأترابها، وظل بينهن ثلاث ليال، بينما ابن عمه ينتظره في الجبل، ولما عاد إليه وجده أصح مما كان.وقد ألهمته وحشية قصائد جميلة في الحب يقول فيها :أحبك أطراف النهار بشاشة ** وبالليل يدعوني الهوى فأجيبلئن أصبحت ريح المودة بيننا ** شمالا لقد ما كنت وهي جنوبوكتبت هي تجيبه على هذين البيتين :أحبك حب اليأس أن نفع الحيا ** وإن لم يكن لي من هواك طبيبوبلغت الحكاية سمع عم لوحشية يدعى فديك، فزجر نساءه.ولكى يمنع يزيد من الوصول إلى نساء قبيلته، حفر فديك حفرة على الطريق ثم أوقد فيها نارا هادئة ثم اختبأ في مكان ومعه عبدان له، وأمرهما أن يظلا ساهرين فإذا شاهدا يزيد يقترب من الحي أخبراه .وبعد قليل رأى العبدان وحشية تتهادى ذاهبة للقاء يزيد .أي أنها هي التي كانت تسعى إليه وقبل أن يتمكن العبدان من إيقاظ عمها وقعت وحشية في الحفرة فاحترق بعضها وأسرع العبدان إليهما وحملاها إلى عمها .وبلغت الحادثة سمع يزيد فراح يهجو عمها ويقول فيه :يا سخنة العين للجرمي إذ جمعت ** بيني وبين نوار وحشة الدارخبرتهم عذبوا بالنار جارتهم ** ومن يعذب غير الله بالنارولم يكن يزيد بن الطثرية مجرد شاب مليح الوجه معسول الكلام لا هم له سوى التغزل في النساء ومصاحبتهن، بل كان أيضا محاربا شجاعا.لقي مصرعه وهو يحمل راية قومه أثناء قتالهم في معركة، وقد هرب من كانوا معه، وقتل من قتل ولكنه ثبت إلا أن شبكت جبته في شيء ما فتعثر ووقع، فتجمع عليه أعداؤه وقتلوه، وكان ذلك حوالى عام 126 هـ، أو كما يقول الأصفهانى : في خلافة بني العباس وقد رثاه العديد من الشعراء من بينهم أخته وأمه وكذلك وحشية الجرمية .
هدى
05-02-2005, 05:18
ليلى وتوبةإنها ليلى الأخيلية وهو توبة بن الحمير.لم تكن ليلى شاعرة نكرة أو مجهولة بل كانت ذائعة الصيت ينشد الناس شعرها ويتغنى به أشهر المغنين، وفيه كانت تفاخر بحبها لتوبة، وتحكي ما كان بينهما، ولها أكثر من قصيدة ترثيه فيها رثاء حارا بعد مقتله .ويحكي أبو الفرج قصتها مع معاوية بن أبي سفيان عندما سألها : "ويحك ياليلى ! أكما يقول الناس كان توبة ؟"قالت : يا أمير المؤمنين ليس كل ما يقول الناس حقا، والناس شجرة بغي يحسدون أهل النعم حيث كانوا وعلى من كانت .ويفهم من هذا الحوار أن ليلى كانت تحضر مجلس معاوية، وأنه كان قد سمع بعض الروايات عن علاقتها بتوبة، فلم يتحرج من سؤالها عنه، وأجابت هي بشجاعة وصراحة وفصاحة مشهودة، فوصفت حبيبها بأنه كما قالت "كان يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجا للأقران، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر" .فإذا كان معاوية بن أبي سفيان قد حكم من عام 41 هـ ( 661 م ) إلى عام 60 هـ ( 679 م ) فمعنى هذا أن ليلى الأخيلية كانت تعيش في النصف الأول من القرن الأول الهجري.وهي لا تخجل في ردها على أمير المؤمنين من أن تصف حبيبها الذي لم تتزوجه قط بأنه كان جميلا كريما أنيقا لبقا .. إلخ .ثم تضيف : " وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له " .قال : " وما قلت له ؟ "قالت " قلت له ولم أتعد الحق وعلمي فيه :بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره ** ألد ملد يغلب الحق باطلهأذا حل ركب في ذراه وظله ** ليمنعهم مما تخاف نوازلهحماهم بنصل السيف من كل فادح ** يخافونه حتى تموت خصائلهليلى الأخيلية تعترف، وفي حضرة أمير المؤمنين بأنها كانت تطارح حبيبها الغرام شعرا، وتمدحه في وجوده، واصفة إياه بأنه لا مثيل له، في قومه وفي قوة عزيمته حتى أنه إذا عادى الحق غلبه بالباطل، إذا احتمى به ركب ما حماه من أي نوع من الكوارث مهما فدحت.وتمضي ليلى في مدح حبيبها توبة بأبيات أخرى حتى يصيح بها معاوية : ويحك ليلى ! لقد جزت بتوبة قدره.فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته، وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله.ويسألها معاوية : من أي الرجال كان ؟فتقول :أتته المنايا حين تم تمامه ** وأقصر عنه كل قرن يطاولهوكان كليث الغاب يحمي عرينه ** وترضى به أشباله وحلائلهغضوب حليم حين يطلب حلمه ** وسم زعاف لا تصاب مقاتلهويأمر لها معاوية بجائزة عظيمة، ولكنه يستمر في سؤالها عن توبة بعد أن بهرته بفصاحتها وشعرها الجميل.فقال لها : خبرينى بأجود ما قلت فيه من الشعر .فأجابته قائلة : يا أمير المؤمنين ما قلت شيئاً إلا والذي فيه من خصال الخير أكثر منه.ثم رددت أمامه قصيدة قالتها في توبة منها الأِشعار التالية:جزى الله خيرا والجزاء بكفه ** فتى من عقيل ساد غير مكلففتى كانت الدنيا تهون بأسرها ** عليه ولا ينفك جم التصرفينال عليات الأمور بهونة ** إذا هي أعيت كل خرق مشرففيا توب ما في العيش خير ولا ندى ** بعد وقد أمسيت في قرب نفنفوكانت ليلى في ريعان شبابها عندما التقت بمعاوية، وهناك حكاية أخرى عن لقائها بحفيده عبد الملك بن مروان الذي ولي الحكم في الفترة من 65 هـ - 86 هـ ، وكانت قد أسنت وعجزت فلم يتعرف عليها عندما رآها جالسة لدى زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية .سألها : " من أنت ؟قالت : " أنا الوالهة ليلى الاخيلية .قال : " أنت التي تقولين :أريقت جفان ابن الخيلع فأصبحت ** حياض الندى زالت بهن المراتبفعفاته لهفي يطوفون حوله ** كما انقض عرش البئر والورد عاصبأى أن توبة بعد أن مات، مات الندى بموته، وجفت البئر .. إلخقالت : أنا التي أقول ذلك .قال : "فما أبقيت لنا ؟قالت : الذي أبقاه الله لك .. نسبا قرشيا، وعيشا رخيا، وامرأة مطاعة .قال : أفردته بالكرم !قالت : أفردته بما أفرده الله به .فقد كانت لها جرأة كبيرة في الرد على الحاكم، مع قوة الحجة وفصاحة لسان تلك الشاعرة العاشقة، لدرجة أن زوجة الحاكم غضبت، وحرضته عليها لأنها قدمت أعرابيا جلفا على أمير المؤمنين.هنا وثبت ليلى واقفة ثم اندفعت في ترديد قصيدة طويلة هجت فيها عاتكة وعبد الملك وتمدح آباءها هي وتوبة .. منها :ستحملني ورحلي ذات وخد ** عليها بنت آباء كرامإذا جعلت سواد الشأم جنبا ** وغلق دونها باب اللئامفليس بعائد أبدا إليهم ** ذوو الحاجات في غلس الظلامأعاتك لو رأيت غداة بنا ** عزاء النفس عنكم واعتزاميأأجعل مثل توبة في نداه ** أبا الذبان فوه الدهر داميوهي تعني أن الناقة التي ستحملها إنما ستحمل امرأة من نسل كريم، إذا هي غادرت الشام ( حيث ملك الأمويين ) بعد أن يغلق دونها بابهم ( وتصفهم باللئام )، فلن تعود إليهم أبدا ولن يلجأ إليهم أي محتاج، ذلك لأنها تعتز بنفسها، وهي تأبى أن تقارن ما بين توبة الذي يتساقط منه الندى بعبد الملك بن مروان الذي يتجمع الذباب حول فمه .. !!وفي رواية أخرى أن عبد الملك بن مروان سألها ذات يوم، وهي في آخر أيامها : ما رأي توبة فيك حين هواك ؟فأجابته : ما رآه الناس فيك حين ولوك .ويبدو أن حكاية ليلى الأخيلية وعشقها لتوبة بن الحمير كانت تثير خيال الناس على اختلاف مكانتهم، فكانوا يتقبلون كل ما ترويه ليلى بصدر رحب، ويسألونها بشغف عما كان بينهما .وقيل إن الحجاج بن يوسف الثقفي قد سألها ذات يوم : أن شبابك قد ذهب، واضمحل أمرك وأمر توبة، فأقسم عليك ألا صدقتني، هل كانت بينكما ريبة قط ؟ أو خاطبك في ذلك قط ؟وأقسمت ليلى للحجاج أن حب توبة لها كان عفيفا شريفا على الرغم من أنهما يخلوان إلى بعضهما، وأنه أنشدها ذات ليلة :وذي حاجة قلنا له لا تحب بها ** فليس إليها ما حييت سبيللنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ** وأنت لأخر فارغ وحليلوكان الحجاج يعجب بشعرها، ويجزل لها العطاء، ويستمع لشكواها باهتمام ويحقق لها رغباتها .وكان يستمع إليها ذات يوم، فلما فرغت من شعرها سأل جلساءه : أتدرون من هذه ؟قالوا : لا ! والله ما رأينا امرأة أفصح ولا أبلغ منها ولا أحسن إنشاداً .قال : هذه ليلى صاحبة توبة.على أن إعجابه الشديد بها لم يمنعه ذات يوم من إصدار الأمر بقطع لسانها !وكانت قد دخلت عليه غاضبة تهدر، فسألها عن سبب شكواها، فقالت، لكنه لم يهتم كثيراً بشكواها .وقال لها : يا ليلى، أنشدينا بعض شعرك في توبة .فأنشدته قصيدة تقول فيها :لعمرك ما بالموت عار على الفتى ** إذا لم تصبه في الحياة المعايروما أحد حي وإن عاش سالما ** بأخلد ممن غيبته المقابرفلا الحي مما أحدث الدهر معتب ** ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشرأحجاج إن الله أعطاك غاية ** يقصر عنها من أراد مداهاأحجاج لا يفلل سلاحك إنما الـ ** حنايا بكف الله حيث تراهافأمر الحجاج بقطع لسانها، ولكنها أنقذت نفسها بإنشاد أبيات أخرى في مدحه.وحقيقة الأمر أن توبة كان شابا طائشا متهوراً، لا صنعة له سوى إثارة المشاكل مع بعض القبائل وبالذات بنو الحارث بن كعب وخثعم وهمدان بل أنه كان كثير التحدث إلى النساء.وقيل أنه كان يغري على القبيلة في شدة الحر والقيظ، فإذا ما طاردوه أسرع إلى مغارة منكرة لا يقطعها الطير، فيرجعون عنه خشية الموت في تلك المغارة عطشا.أما هو فكان يستعد قبل الإغارة بأن يحمل بعض الماء ويدفن منه على مسيرة كل يوم مزاده فإذا ما سلك المغارة وجد ماءه، وعاش عليه .هذا هو توبة الذي فعل كل ذلك بليلى الأخيلية وجعل قصتها على كل لسان ؟!يروى أنه خرج إلى الشام، فمر ببني مذرة، فرأته بثينة فجعلت تنظر إليه، فشق ذلك على جميل، ومعروف غرام جميل ببثينة، ولكن حدث ذلك قبل أن يظهر حبه لها .عندئذ شعر جميل بالغيرة الشديدة واندفع يسأل الفارس القادم : من أنت ؟! فأجابه : أنا توبة بن الحمير .وكما يحدث دائماً، عندما يشعر العاشق أن المرأة التي يهواها ترقبه، ويود أن يظهر لها شجاعته وفروسيته، تحدى جميل توبة أن يصارعه، وتشابكا وكانت الغلبة لجميل، ثم تبارز، وهزم توبة أيضاً، وأخيرا تسابقا، فسبقه جميل .كل هذا وبثينة ترقبهما عن قرب، وأدرك توبة، بخبرته في مجال العشق، أن القوة التي تغلبه في جميل مستمدة من عيني بثينة الساحرتين، فقال له : يا هذا إنما تفعل هذا بريح هذه الجالسة، ولكن اهبط بنا الوادي.وهناك بعيدًا عن عيني المحبوبة، تمكن توبة من غلبة جميل في المصارعة والمبارزة والسباق أيضا !!ههههههههههه جميل أقصد شيء جميل هههههوكان توبة يعشق ليلى ويقول فيها الشعر، وكان معتاداً على زيارتها، ولم تكن تلك الزيارات سرية بل كانت في العلن، فلما كثرت عاتبه أخوها وقومها .وكان قد خطبها من أبيها، ولكنه أبى أن يزوجه إياها.ولم ينتظر الأب كثيراً، بل أسرع بتزويج ليلى من أحد بني الأدلع .وفوجأ توبة وحزن حزنا شديدا، ولكنه استمر في لقاء ليلى.وواضح أيضا أنها لم تكن تمانع في لقائه.ولم يجد الأهل من وسيلة لعلاج هذا الأمر سوى الشكوى إلى السلطان.ولم يجد السلطان حلا لهذه المشكلة سوى أن يبيح لهم دم توبة .وكان زوج ليلى غيورا فأقسم ليقتلنها إن هي لم تعلمه بمجىء توبة، أو إن هي أنذرت توبة بأن أهلها يتربصون به ليقتلوه .وهذا هو تصرف الزوج الهمام .وتحكي ليلى بقية الحكاية بقولها : "وكنت أعرف الوجه الذي يجيء منه، فرصدوه بموضع ورصدته بآخر، فلما أقبل لم أقدر على كلامه لليمين، فسفرت وألقيت البرقع عن رأسي" .فلما رأى ذلك أنكره فركب راحلته ومضى، ففاتهم.وهكذا، بحيلة طريفة، غاية في الذكاء، أنقذت ليلى حبيبها توبة من القتل المؤكد، أما توبة فرجع إلى راحلته وركبها ومضى ينشد قصيدة طويلة تبدأ بهذا بالبيت :نأتك بليلى دراها لا تزورها ** وشطت نواها واستمر مريرهاوكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ** فقد رابني منها الغداة سفورهاوبذلك التيار السحري الذي يسري بين كل قلبين عاشقين، فطن توبة لحيلة ليلى وأدرك أن سفورها علامة خطر، وتحذير، وإشارة تقول له ابتعد .. انج بحياتك .والحكايات كثيرة عن غيرة زوج ليلى الأخيلية، وشكه فيها لدرجة أنه أوشك أن يقتل رجلا بريئا لمجرد أنه اقترب منها، وكان الرجل من بني كلاب، يبتغي إبلا له حتى نفد زاده وجاع، وحينما جاء الليل وجد نفسه قريبا من بيت ليلى، ولم يكن يعرف بيت من هذا، ولكنه اقترب من الخباء ولم يجد به أحدا، فنزل حيث ينزل الضيف .وهي عادة بدوية معروفة أن يترك أهل البيت مكانا معدًا لعابري السبيل الذين يضلون طريقهم في الصحراء، أو لا يرغبون في السفر في أثناء الليل، وعاد زوج ليلى وكان قد شاهد شبح الضيف من بعيد، فمضى يضربها وهو يصيح: والله لا أترك ضربك حتى يأتي ضيفك هذا ويغيثك.فلما عيل صبرها نادت : يا صاحب البعير يا رجل ! فأسرع نحوها الضيف وهو يحمل أشياءه، وراح يكيل للزوج ولكنها منعته، وحالت بينه وبين زوجها، فانصرف عنهما.وفي الطريق سأل بعض الناس عن ذلك البيت وصاحبه وزوجته فعرف أنها ليلى الأخيلية .هكذا كان زوج ليلى غيورا مندفعا، فكيف كان توبة يتحايل ويلقاها ويجددان العهد حتى أنها ظلت تجاهر بحبها له لآخر يوم في حياتها .ذلك واحد من الأسئلة المحيرة التي تطارد من يقرأ هذه القصة.والمدهش أن تلك القصة ذاعت في حينها وتناقلتها الأفواه حتى وصلت إلى الحكام، فنجد المنشدين يرددون أشعارهما، والمغنين يلحنونها ويغنونها وأبا الفرج الأصفهانى يخلدها في كتاب الأغانى .بل إن قصيدة واحدة من قصائد توبة غناها عدة مغنين من بينهم ابن سريج والهزلي وابن محرز وابن مسجح، وفي هذه القصيدة أبيات يخاطب بها توبة ليلى الأخيلية فيقول :حمامة بطن الواديين ترنمي ** سقاك من الغر الغوادي مطيرهاأبيني لنا لازال ريشك ناعما ** ولازلت في خضراء دان بريرهافهو يراها كالحمامة ذات الريش الناعم والصوت الجميل تترنم بالأشعار حول حبهما، ويدعو لها بأن ترتوي بماء المطر ،وأن تظل أجمل ما في المكان الذي تعيش فيه.وهو يحكي كيف يتلصص على ليلى من مكان قريب لعله يراها أو حتى يرى من يراها، كما كان قيس بن الملوح يقول عن ليلاه هو أيضا .وأشرف بالقوز اليفاع لعلني ** أرى نار ليلى أو يرانى بصيرهاثم هو يدافع عن حبه لليلى، لأنه حب عفيف لا يبتغي شيئا سوى زيارتها، أي الجلوس إليها والاستمتاع لحديثها الحلو، وهو أمر يمكن فهمه تماما إذا ما عرف أن هذه الحبيبية ليست عادية، بل هي واحدة من الشاعرات العربيات الكبيرات، فيقول :على دماء البدن إن كان بعلها ** يرى لي ذنبا غير أني أزورهاوإنى إذا ما زرتها قلت يا أسلمي ** وما كان في قول أسلمى ما يضيرهاوقد رويت هذه الأبيات عن الأصمعي فعقب قائلا : شكوى مظلوم، وفعل ظالم .كان توبة شابا غريبا، سابقا لزمانه، وصف بأنه كان شريرًا كثير الإغارة، وقال معاوية بن أبي سفيان عنه أنه كان: " عاهرا خاربا " أي لصا.أما ليلى فكانت تراه أفضل الرجال وأكملهم خلقا وحسنا، وظلت تحكي حكايتها معه وتفيض في مدحه حتى شعر الحجاج بالغيظ وأمر بقطع لسانها، وسألها عبد الملك بن مروان بعد أن سمع قصيدة لها فيه : وما أبقيت لنا .. ؟!وعندما استقبلت خبر مقتل حبيبها توبة بكته بالدمع الثخين ورثته في قصيدة مطولة تدافع عنه، وفيها تقول :وتوبة أحيا من فتاة حيــة ** وأجرأ من ليث بخفان خادرونعم الفتى إن كان توبة فاجرا ** وفوق الفتى إن كان ليس بفاجروقد غنى المغنون قصائدها العديدة في رثاء توبة، وكان للقصيدة الواحدة أكثر من لحن وأكثر من مغن .وقد ظلت على حبها لتوبة إلى آخر يوم في حياتها، حتى كانت ذات يوم على سفر، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها، فأصرت على أن تزور القبر لتسلم على توبة، وحاول زوجها أن يمنعها ولكنها أصرت فتركها.واقتربت من قبر توبة، ثم قالت: السلام عليك ياتوبة، ثم حولت وجهها إلى القوم وقالت : "ما عرفت له كذبة قط قبل هذا …. أليس القائل :ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ** علي ودوني تربة وصفائحلسلمت تسليم البشاشة أو زقا ** إليها صدى من جانب القبر صائحوأغبط من ليلى بما لا أنا له ** ألا كل ما قرت به العين صالحفما باله لم يسلم على كما قال !وفي تلك اللحظة فزعت بومة كانت تكمن بجوار القبر، فنفر الجمل ورمى ليلى على رأسها فماتت من ساعتها، ودفنوها إلى جانب توبة .
روعة
05-02-2005, 06:02
يااااااااااااااااااااااااه قصه محزنه للغايه بجد ياحرام
هدى
06-02-2005, 04:54
هههههههه ولا يهمك يا روعة ما كل القصص اللي مرت حزينة مثل هي وفي منها الاسوأ بكثيرشوفي القصة الجاية وشكلها كيف أبو دهبل وعاتكةعندما يدق الحب على باب قلب فإنه لا يفرق بين الأمير والفقير، ولا يعرف الكبير من الصغير.ذات يوم اخترقت سهام الحب قلب فتى عربي من عامة الناس، وأميرة عربية من الأسرة الحاكمة المالكة .كان شابا جميلا مختالا بنفسه، يطيل شعره حتى منكبيه، ويقول الشعر الجميل، يعتز بنفسه وبأصله، فهو من أشراف بني جمح، وأمه من هذيل تدعى هذيلة بنت سلمة.أما هو فكان يدعى " أبو دهبل ".وهذيل قبيلة من قبائل مضر كانت تسكن جبالا قريبة من مكة، اشتهر أبناؤها بكثرة شعرهم وجودته.فهو إذن عربي أصيل.أما محبوبته فكانت عاتكة بنت معاوية بن أبى سفيان.في ذلك الزمان شاع بين الناس قول أبي دهبل:إني دعاني الحين فاقتادني ** حتى رأيت الظبي بالبابيا حسنه إذ سبني مدبرا ** مستترا عني بجلبابسبحان من وقفها حسرة ** صبت على القلب بأوصابيذود عنها إن تطلبتها ** أب لها ليس بوهابأحلها قصرا منيع الذرى ** يحمى بأبواب وحجابوعرف الناس أن أبا دهبل كان يعني بالظبي عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان.ففي أثناء رحلة عاتكة إلى مكة للحج، انقطع بها الطريق في وادي طوى.كانت الشمس تصب نيرانها في يوم قائظ الحرارة، فأمرت عاتكة جواريها بأن يرفعن الستائر،وأطلت برأسها تتطلع إلى الطريق،وقد تخففت في ثياب شفافة.وتصادف أن مر أبو دهبل بذلك المكان فاستوقفه منظر عاتكة وراح يرقبها عن بعد معجبا بجمالها، وهي لا تشعر بوجوده.وعندما أحست بنظراته تثقب وجهها إلتفتت إليه، فالتقت نظراتهما، وأسرعت تستر وجهها، وأمرت الجواري أن يعدن الستائر لمكانها، وراحت تسب أبا دهبل .وأدرك أبو دهبل بأن سهام الحب قد أصابته، فأنشد تلك الأبيات، التي سمعها بعض رفاقه فرددوها، وشاعت بين الناس في مكة، حتى وصلت إلى المغنين فلحنوها وتغنوا بها، والناس جميعا يعلمون من هي الظبية الجميلة التي سلبت الشاعر قلبه، ومن هو أبوها الذي يحتجزها في قصر منيع يقف على أبوابه الحراس والحجاب.سمعت عاتكة الأبيات فطربت لها، وضحكت وعبرت عن إعجابها، بالشعر وبالشاعر نفسه، بأن أرسلت إليه هدية ثمينة وكانت عبارة عن كسوة يرتديها ويختال بها.وجرت بينهما الرسائل، والرسل .ونمت علاقة الحب حتى أن أبا دهبل تبع عاتكة إلى دمشق بعد انتهاء زيارتها إلى مكة .ولكن في دمشق اختلفت الأمور، فقد وصل الخبر إلى الأب، فشدد الحراسة على ابنته، ولم تستطع أن تبر بوعدها للعاشق الولهان .وطال انتظار أبي دهبل، واستبد به الشوق فراح يمطرها بأشعار الحب والغزل العفيف .ثم مرض مرضا طويلا.وقال في ذلك شعرا منه :طال ليلي وبت كالمحزون ** ومللت الثواء في جيرونوأطلت المقام بالشام حتى ** ظن أهلي مرجمات الظنونفبكيت خشية التفرق جمل ** كبكاء القرين إثر القرينوهى زهرة مثل لؤلؤة الغواص ** ميزت من جوهر مكنونوإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دونثم خاصرتها في القبة الخصـ ** ـراء تمشي في مرمر مسنونوشاع هذا الشعر حتى بلغ معاوية فغضب منه، حتى إذا كان في يوم الجمعة دخل عليه الناس وفيهم أبو دهبل، فأمر حاجبه بأن يحتجزه بعد انتهاء الخطبة، وأخذ الناس يسلمون وينصرفون، فقام أبو دهبل لينصرف، ولكن معاوية نادى عليه، وأجلسه إلى جواره حتى خلا المكان من الناس، فقال معاوية لأبي دهبل: ما كنت أظن أن في قريش أشعر منك حيث تقول:ولقد قلت إذ تطاول سقمي ** وتقلبت ليلتي في فنونليت شعري أمن هوى طار نومي ** أم براني البارى قصير الجفونوهي بقية القصيدة التي قالها في عاتكة بالشام.ثم أضاف الخليفة معاوية : غير أنك قلت :وهى زهرة مثل لؤلؤة الغواص ** ميزت من جوهر مكنونوإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دونووالله إن فتاة أبوها معاوية وجدها أبو سفيان وجدتها هند بنت عتبة لكما ذكرت، وأي شيء زدت في قدرها؟! لكنك أسأت عندما قلت :ثم خاصرتها في القبة الخصـ ** ـراء تمشي في مرمر مسنونقال أبو دهبل: والله يا أمير المؤمنين ما قلت هذا، وإنما قيل على لساني .فقال له معاوية: أما من جهتي فلا خوف عليك، لأنى أعلم صيانة ابنتي لنفسها، وأعرف أن فتيان الشعر، لم يتركوا أن يقولوا النسيب في كل من جاز أن يقولوه فيه وكل من لم يجز، وإنما أكره لك جوار يزيد، وأخاف عليك وثباته، فإن له ثورة الشباب وأنفة الملوك.ويزيد بن معاوية الذي حذر منه أبو دهبل ؟ هو الذي قال عنه المسعودي إنه كان يعيش في شبابه عيشة هي أقرب إلى الجاهلية فكان "صاحب طرب وجوارح، وكلاب ( للصيد )، ومنادمة على الشراب، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب، وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله".كان أبو دهبل على حق عندما أدرك جسامة موقفه، فتقبل تحذير أمير المؤمنين وأسرع بالهرب من دمشق عائدًا إلى موطنه في مكة .إلا أنه استمر يكاتب عاتكة.وذات يوم وقعت إحدى رسائله في يد خادم لمعاوية، فاحتال حتى سرقها من عاتكة وسلمها إلى معاوية، ووصف له حالها عندما استلمتها، وكيف أنها أصيبت بالحزن والاكتئاب ثم خبأتها تحت سجادة صلاتها.قرأ معاوية الخطاب فوجد فيها أبيات شعر منها:أعاتك هلا إذ نجلت فلا تري ** لذي صبوة زلفى لديك ولاحقارددت فؤادا قد تولى به الهوى ** وسكنت عينا لا تمل ولا ترقاولكن خلعت القلب بالوعد والمنى ** ولم أر يوما منك جودا ولا صدقاأتنسين أيامي بربعك مدنفا ** صريعا بأرض الشام ذا سقم ملقىوليس صديق يرتضي لوصية ** وأدعو لدائي بالشراب فلا أسقىوأكبر همي أن أرى لك مرسلا ** فطول نهاري جالس أرقب الطرقافواكبدي إذ ليس لي منك مجلس ** فأشكو الذي بي من هواك ومن ألقىرأيتك تزدادين للحب غلظة ** ويزداد قلبي كل يوم لكم عشقاوالمعنى واضح ، فهذا الشاب الذي وصف بأنه كان رجلاً صالحا وعفيفا، ترك كل ما يجري في زمانه من أحداث سياسية ومذاهب فكرية، وتفرغ لعشق بنت أقوى الخلفاء، وأشدهم صلابة، وأكثرهم مكرا ودهاء .وهو لا يكتفي بذلك بل تشبب بها في شعر يتردد على ألسنة الناس، ويتغنى به المغنون، ويقول فيه أنها خلعت قلبه بالوعد والمنى، أي أنها كانت تمنيه بالوعود، كما كانت ترسل إليه الهدايا، فهي إذن قد شجعته على الوقوع في حبها .ليس هذا فحسب، بل إنها كانت تراسله، فهو يجلس النهار كله في انتظار وصول رسولها، وعندما لا يصل الرسول يشعر بالحزن وتنهمر الدموع من عينيه.قرأ معاوية ابن أبى سفيان هذا الشعر، وأدرك أن موضوع ابنته مع أبي دهبل لم ينته فماذا فعل ؟ لقد خرج أبو دهبل على القانون الاجتماعي .فذلك الفتى العربي جميل الطلعة، حسن السمعة، الذي وقع في حب بنت الخليفة من النظرة الأولى خالف قانون الفوارق الاجتماعية .ولكن أبا دهبل الجمحي لم يكن يسعى لخرق القوانين الاجتماعية الثابتة ، إنه ببساطة عاشق أحب فعبر عن عاطفته في أشعار جميلة، وترك لقلبه العنان ، يشتاق ويحلم بالوصل ويمني نفسه بلقاء الحبيب.ولعله لم يكن يتوقع أن يصل الأمر إلى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان نفسه .لذلك ذهب إلى الجامع الذي يخطب فيه كل يوم جمعة، وحضر الصلاة واستمع للخطبة ثم تأهب للخروج مع كل الخارجين .وعندما ناداه الخليفة وتحدث معه بشأن الشعر الذي تشبب فيه بابنته عاتكة، وحذره من مغبة الوقوع في يد ابنه وأخيها يزيد، استمع للنصح ولم يعتبره وعيدا، وأسرع يغادر الشام إلى الحجاز.وهناك، وسط الأتربة، وفي ربوع المدينة التي ولد ونشأ بها، عاد الحنين ينمو شوكاً في قلبه، وغلبه الحب على أمره، فراح يبعث الخطابات والمراسيل إلى حبيبته عاتكة، وكأنه على يقين من أن أمرهما لن يفتضح .ولكن الحب وإن كان أعمى كما يشاع عنه، إلا أن الناس لا يمكن أن تعمى عنه.ولعل هذا ما فضح عاتكة، فتلصص عليها الخدم ورآها أحدهم تتسلم رسالة من حبيبها أبي دهبل فأسرع يبلغ أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان .هذا الرجل الذي وصف بأنه كان سياسيا داهية، وكان رجل دولة من طراز فريد ما إن قرأ الشعر الذي أرسله أبو دهبل إلى ابنته عاتكة حتى بعث إلى ابنه يزيد فأتاه، فدخل عليه فوجده مطرقا.فقال :يا أمير المؤمنين … ما هذا الأمر الذي شجاك.قال معاوية : أمر أقلقني منذ اليوم، وما أدري ما أعمل في شأنه.قال يزيد: وما هو يا أمير المؤمنين؟قال: هذا الفاسق أبو دهبل كتب بهذه الأبيات إلى أختك عاتكة، فلم تزل باكية منذ اليوم، وقد أفسدها، فما ترى فيه ؟لم يهتم يزيد بن معاوية بأن يسأل أباه هل بكت عاتكة أخته غضبا وثورة على الشعر أم لوعة وحزنا على الشاعر؟!فقد قرر بسرعة كيف يتصرف.. قال لأبيه :والله إن الرأي لهين.قال : وما هو ؟قال : عبد من عبيدك يكمن له ( أي لأبى دهبل ) في أزقة مكة فيريحنا منه.هذا هو الحل الأيسر.أما معاوية رجل السياسة المحنك فيقول لابنه على الفور : أف لك ! والله إن امرؤ يريد بك ما يريد، ويسمو بك إلى ما يسمو كغير ذي رأي، وأنت قد ضاق ذرعك بكلمة وقصر فيها باعك، حتى أردت أن تقتل رجلا من قريش ! أو ما تعلم أنك إذا فعلت ذلك صدقت قوله وجعلتنا أحدوثة أبداً !قال يزيد : يا أمير المؤمنين، إنه قال قصيدة أخرى تناشدها أهل مكة، وسارت حتى بلغتني وأوجعتني، وحملتني على ما أشرت به ثم أنشده قول أبي دهبل :ألا لا تقل مهلا فقد ذهب المهل ** وما كان من يلحي محبا له عقللقد كان في حولين حالا ولم أزر ** هواي وإن خوفت عن حبها شغلحمى الملك الجبار عني لقاءها ** فمن دونها تخشى المتالف والقتلفلا خير في حب يخاف وباله ** ولا في حبيب لا يكون له وصلفواكبدي أني شهرت بحبها ** ولم يك فيما بيننا ساعة بذلوياعجبا أني أكاتم حبها ** وقد شاع حتى قطعت دونها السبلفقال معاوية : قد والله رفهت عني، فما كنت آمن أنه قد وصل إليها، فأما الآن وهو يشكو أنه لم يكن بينهما وصل ولابذل فالخطب فيه يسير، قم عني، فقام يزيد فانصرف .وهكذا أنقذ الشعر أبا دهبل من مصير محتوم، سيعاني منه عاشق آخر تجرأ فأحب زوجة الخليفة بعد سنوات، وتشبب بها فكان نصيبه أن دفن حيا .ذلك الشاعر هو وضاح اليمن الذي تأتي قصته فيما بعد.تشهد هذا الحكاية على شخصية معاوية الذي تعمد أن يحج في تلك السنة ليذهب إلى مكة ويلتقي مرة أخرى بأبي دهبل .فما إن انقضت أيام الحج حتى كتب أسماء وجوه قريش وأشرافهم وشعرائهم ومن بينهم أبو دهبل .ثم دعاهم إليه وفرق عليهم هباته وعطاياه.فلما تسلم أبو دهبل هديته قام لينصرف ولكن معاوية دعا به، فرجع إليه.فقال له: يا أبا دهبل، إن يزيد ابن أمير المؤمنين ساخط عليك لشعر قلته فينا .ألم أحذرك من أبى خالد .. ؟!وراح أبو دهبل للمرة الثانية يعتذر لأمير المؤمنين ويقسم بأغلظ الأيمان أنه لم يقل ذلك الشعر وأنه مدسوس عليه .قال معاوية : لابأس عليك، وما يضرك ذلك عندنا، فهل تأهلت ؟ قال أبو دهبل: لا .سأله معاوية : فأي بنات عمك أحب إليك ؟فأجاب : فلانة، فقال أمير المؤمنين : قد زوجتكما وأصدقتها ألفي دينار وأمرت لك بألف دينار .هكذا تصرف الخليفة الحكيم.فهو لم يكف عاشق ابنته والمتشبب بها شر نفسه وشر ابنه المتعطش للدماء فقط، وإنما عامل أبي دهبل بحنان غريب.ولا يشك الراوي صاحب الأغاني لحظة في أنه حدث وأن الحكاية كلها حقيقية.وتكون النتيجة المنطقية لسعة صدر الحاكم وحكمته أن يعده أبو دهبل وعد شرف بألا يتعرض لابنته مرة أخرى ويصدق في وعده .ولقد عاش أبو دهبل طويلا، فعاصر خلافة يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان، واشتغل مع عبد الله بن الزبير الذي كان يطالب بالخلافة من بني أمية فولاه بعض أعمال اليمن، وعرف عنه الصلاح والعفة.ورويت الحكايات عن غراميات أخرى له مع امرأة تدعى عمرة، كانت مثقفة، تجلس إلى الرجال وتتبادل معهم إنشاد الشعر والأخبار، ولم يكن هو يفارق مجلسها .ولكن البعض شعر بالغيرة من اهتمام عمرة بأبي دهبل، ويقال إن زوجته هي التي أوعزت إلى امرأة داهية من عجائز أهلها لتوقع بينها وبين أبي دهبل، فتخبرها أنه يشيع بين الناس أنهما متحابان .وقد غضبت عمرة غضبا شديدا، وثارت على أبي دهبل، وعلى كل الرجال الآخرين فقررت أنهم لا يستحقون مجالستها والإستمتاع بأحاديثها الشيقة، واحتجبت عن الجميع .ورويت عن أبي دهبل رواية أخرى غريبة عن إحدى النساء الشاميات تحايلت حتى أدخلته قصرها في دمشق ثم احتجزته عاما كاملا لولهها به.وأنه رفض أن يعيش معها في الحرام، وأصر على الزواج بها، ثم عاد إلى أهله بعد عام ليجد أبناءه قد اقتسموا ثروته فيما بينهم، وامرأته أصابها العشى من كثرة البكاء عليه .
هدى
07-02-2005, 04:36
وضاح اليمن وأم البنينبطلة الحكاية زوجة لأحد الحكام المسلمين هو الوليد بن عبد الملك والبطل شاعر معروف يسمى وضاح اليمن ، وقد لقب وضاح اليمن لجماله وبهائه.وتبدأ الحكاية عندما استأذنت زوجة الخليفة منه ، وهي بنت عمه أيضا وأم ابنه، ولذلك لقبت بأم البنين في الذهاب إلى مكة للحج.وأم البنين كانت تعلم أن رحلتها إلى الحجاز لم تكن فقط لأداء فريضة الحج، وإنما كانت نوعا من السياحة ترفه به عن نفسها، وتتعرف إلى معالم الحجاز في عصرها الذهبي ، وتقف على ما كانت تسمعه من أخبار تلك الرقعة من أرض العرب في الربع الأخير من القرن الهجري الأول.والإنتقال من دمشق حضيرة الدولة الأموية إلى الحجاز في ذلك الوقت كان كالسفر من أسيوط إلى باريس . والانتقال من قصر الخلافة حيث انشغل الخليفة بفتوحاته وانتصارات جيشه في الهند وبخارى، وسمرقند وخوارزم والأندلس، إلى مكة والمدينة حيث مجالس الشعر والغناء والطرب وحيث الجواري الأجنبيات من روم وفرس وهنديات.استعدت أم البنين للرحلة، وصحبت معها أجمل جواريها، وسارت بهن في موكب عظيم، اصطف الناس على الجانبين ليشاهدوا زوجة الخليفة وجواريها. وما إن تراءت للناس حتى تصدى لها أهل الغزل والشعر. أما هي فقد حطت عينيها على واحد منهم ، واحد فقط ما إن رأته حتى وقعت في هواه وسعت للقاه.ذلك هو وضاح اليمن.ولكي لا تلفت النظر أرسلت تستدعي الشاعر المعروف كُثَيِّر وتستدعيه أيضاً .والغرض معروف : أن يقدما إليها ويحضرا مجلسها ويسمعاها الشعر.أما عن وضاح اليمن فلم يكن في أفضل حال، فقبل أن تقدم أم البنين إلى مكة كان وضاح يعاني من فشله في حب امرأة تدعى روضة.لقد أحب وضاح روضة وتشبب بها وتقدم للزواج منها، لكن أهلها رفضوه وزوجوها لرجل آخر، فيعبر عن حزنه في أشعار كثيرة منها:أيا روضة الوضاح يا خير روضة ** لأهلك لو جادوا علينا بمنزلرهينك وضاح ذهبت بعقله ** فإن شئت فأحييه وإن شئت فاقتلوذات يوم وبينما هو على سفر مع بعض أصحابه التقى برجل من بلد روضة، فجلس يتحدث إليه ثم تركه وعاد إلى أصحابه والهم يكاد يقتله والدموع تنساب من عينيه.وسأله الأصحاب : ماذا بك ؟! فأجابهم بأن الرجل أخبره أن روضة قد أصيبت بمرض الجذام، وأنه رآها قد أبعدت عن بلدها وألقيت مع المجذومين.ولم ينقطع حب وضاح اليمن لروضته، بل كان يزورها حيث عزلت مع المجذومين، ويصلح من شأنها ويعطيها بعض المال ويبكي غما وحزنا عليها.قبل وضاح دعوة أم البنين له وقبل اليد الممدودة والقلب المفتوح على مصراعيه.وقال فيها :حتام نكتم حزننا حتاما ** وعلام نستبقي الدموع علاماإن الذي بي قد تفاقم واعتلى ** ونما وزاد وأورث الأسقاماقد أصبحت أم البنين مريضته ** نخشى ونشفق أن يكون حمامايارب أمتعني بطول بقائها ** وأجبر بها الأرامل والأيتاموأجبر بها الرجل الغريب بأرضها ** قد فارق الأخوال والأعمامافهل كره وضاح حياته وأصبح يتمنى الموت بعد قصته مع روضته ؟ أم هل كان على جهل بكتاب الخليفة الذي يحذر من التشبب بزوجته، أو حتى إحدى جواريها ؟ إن الشاعر المعروف قيس بن عبد الله الرقيات رأى أم البنين وأعجب بها، ولم يتمالك أن قال شعرا تشبب فيه بها وأنشده لبعض أصحابه لكنه رجاهم أن يكتموا عليه، وألا يبوحوا بسره أبدًا.وحتى الشاعر كُثير قبل دعوة أم البنين وحضر مجلسها لكنه لم يجرؤ على التشبب بها وهاب ذلك، فاحتال بأن تشبب بواحدة من جواريها.وتطورت العلاقة بين الشاعر وزوجة الحاكم.فسافر معها إلى دمشق، بعد أن وعدته بأن تقدمه للخليفة ليمدحه، وأن تقوي مركزه لديه.وبالفعل يلتقي وضاح اليمن بالوليد بن عبد الملك ويمدحه.وفتحت أم البنين بيتها للشاعر الذي فتنت بجماله وظرفه وموهبته في الشعر فأقام عندها، وطالت جلساتهما، وثار الهمس، كما يحدث دائما، فليس عاديا أن تتصرف زوجة الحاكم في حياتها الخاصة بهذه الحرية خاصة وأنها أم عبد العزيز ابن الخليفة.وتعلو الهمسات حتى تتحول إلى شائعات تصل إلى سمع الخليفة وابنه.فقرر الخليفة قتل وضاح اليمن، ولكن ابنه عبد العزيز رجاه ألا يفعل قائلا: " إن قتلته فضحتنا وحققت قوله، ويتوهم الناس أن بينه وبين أمي ريبة " . ونصحه الابن بأن يفعل مع وضاح ما فعله معاوية بأبي دهبل، تبره وتحسن إليه فيستحي ويكف ويكذب نفسه.كانت أم البنين تحتفظ في بيتها بعدد من الصناديق، وكانت إذا ما خشيت أن يرى حبيبها أحد أخفته في صندوق معين.وهو تصرف غاية في السذاجة بالطبع، فالكبراء والأمراء دائما ما يكونون محاطين بالعديد ممن يحصون خطواتهم ويسجلون عليهم كل تحركاتهم.وأحد هؤلاء عبد أرسله الخليفة ذات يوم بصندوق من الجواهر إلى أم الوليد، يعتذر عن إهماله لها وانشغاله بأمور الحكم ، ورأى ما كانت تخفيه.ورغب الخادم الخبيث في أن يبتز أم البنين، وانتهز الفرصة ليطلب لنفسه ما لا حق فيه . فأومأ بعينه إلى الصندوق وقال لمولاته: يا مولاتي هبيني حجرا من تلك الجواهر. لكنها أدركت الحيلة، فسبته ورفضت، فعاد إلى الخليفة وأخبره بأمر وضاح والصندوق.استمع الخليفة في ذهول لتلك الحكاية، لكنه تمالك نفسه فسب الخادم وعاقبه أشد العقاب ثم لبس نعليه وأسرع إلى زوجته وأم أبنائه، فوجدها جالسة في بيتها تمشط شعرها، وبطرف عينيه لمح الصندوق الذي وصفه الخادم وصفا دقيقا لكي يفرقه عن بقية الصناديق.قال الخليفة : يا أم البنين هبيني صندوقا من صناديقك.فقالت : كلها لك يا أمير المؤمنين.قال ما أريدها كلها وإنما أريد واحدا منها.فقالت له : خذ أيها شئت.قال : هذا الذي جلست عليه.قالت: خذ غيره، فإن لي فيه أشياء أحتاج إليها. قال ما أريد غيره.قالت خذه يا أمير المؤمنين.فدعا بالخدم وأمرهم بحمله، فحملوه حتى انتهوا به إلى مجلسه، ثم دعا عبيدا له فأمرهم فحفروا بئرا في المجلس عميقة، حتى وصلوا إلى الماء.ثم دعا بالصندوق فقال مخاطبا من بداخله : يا هذا ! إنه بلغنا شيء إن كان حقا كفناك ودفناك ودفنا ذكرك، وقطعنا أثرك إلى آخر الدهر، وإن كان باطلا فإنا دفنا الخشب، وما أهون ذلك! ثم قذف به في البئر وهيل عليه التراب، وسويت الأرض ورد البساط إلى حاله وجلس الوليد عليه، ثم ما شوهد بعد ذلك اليوم لوضاح أثر في الدنيا إلى هذا اليوم. وما رأت أم البنين لذلك أثرا في وجه الوليد حتى فرق بينهما الموت.
هدى
08-02-2005, 03:49
ذو الرمة وميّلاشك أن الحب هو الذي جعل الإنسان يتطور، فهو في سعي دائم إلى الأفضل والأجمل .وكلما برح به الشوق، فاضت من عقله وقلبه الأفكار والخيالات، وأنجبت قريحته الفنون والآداب.وهكذا فعل صاحبنا .. الشاعر الأموي الكبير ذو الرمة .. عاشق مي. والصحراء .في طفولته كان ذو الرمة الذي ولد أثناء خلافة عبد الملك بن مروان ( عام 77 أو 78 هـ ) طفلا مختلفا عن بقية أطفال القبيلة، احتارت فيه أمه فذهبت به إلى أحد مقرئي القرآن بالقبيلة كي يكتب له معاذة تعلقها في عنقه لتحميه من الجن والوسوسة.ولم يكن الصبي مجنونا ولا موسوسا.وإنما كان مشروع شاعر عبقري، ملأ الدنيا أشعارا جميلة عبر بها عن رؤاه وخيالاته .كان عاشقا للصحراء كلف بها وراح يتأملها ويصف كل شئ فيها . وفي الصحراء تقرر مصيره الذي نحن هنا من أجل ذكره.في الصحراء كان لقاؤه القدري مع الفتاة التي ظل يحبها ويتشبب بها ويتطلع إلى لقائها العمر كله. كان ذو الرمة بدويا .. وكانت مي، أو مية كما يناديها أحيانا، بدوية أيضا . ثلاثة شبان: ذو الرمة وشقيق له وابن عمه، خرجوا يضربون في الفلاة بحثا عن إبل ضلت من قبيلتهم، فتوغلوا في المناطق الجنوبية من اليمامة، حتى وصلوا إلى الدهناء حيث كانت تنزل عشيرة منقر.وهناك شعر الشبان الثلاثة بالعطش، فأرسلوا أصغرهم وهو ذا الرمة إلى الخيام القريبة ليطلب السقيا .اقترب ذو الرمة من الخيام، فرأى فتاة مليحة تنحني فوق ثوب تنسجه، وسمعها تنشد أبياتا من الزجل :يامن يرى برقا يمر حينا ** زمزم رعدا وانتحى يميناكان في حافاته حنينا ** أو صوت خيل ضمر يرديناتوقف البدوي الأسمر يتأمل البدوية الحسناء ذاهلاً، لكنها أحست به، فرفعت إليه عينيها متسائلة.من هي مَي هذه ؟هي مية، حفيدة الشاعر قيس بن عاصم الذي أطلق عليه الرسول ( ص ) لقب سيد آل الوبر، ويقال إنه كان ملكا غير متوج على البادية . عاش فترة في الجاهلية ثم أدرك الإسلام.قدمت مي الماء إلى البدوي الشاب وهي تقول ساخرة : " اشرب ياذا الرمة " لأنها لمحت المعاذة التي علقتها أمه في عنقه بحبل صار باليا.كان ذو الرمة مثل كل شاب في سنه يتطلع إلى الحب ويبحث عنه في عيون من التقى بهن من النساء، ولكنه عندما رأى مية أدرك أنه عثر على ضالته أخيرا، وراح ينشد الأشعار تشبيها بها، ويسعى إلى لقائها ليروي أشواقه فيزيد من اضطرام نار عواطفه.وعلى الرغم من ذلك البكاء الحار الذي شاع في أشعار ذي الرمة، وتلك الدموع الغزيرة التي نجده يذرفها على مي وعلى حبه لها ؛ وفراقها الذي أدمى قلبه على مدى ستة وخمسين قصيدة طويلة كرسها لمية وحدها . فإننا عندما نستعيد قراءة أخبارهما معا تدهشنا تلك الحرية التي كانت امرأة البادية تتمتع بها في صدر الاسلام.يقول ذو الرمة في إحدى قصائده:بكيت على مي بها مذ عرفتها ** وهجت الهوى حتى بكى القوم من أجليفظلوا ومنهم دمعه غالب له ** وآخر يثني عبرة العين بالهملوهل هملان العين راجع ما مضى ** من الوجد أو مدنيك يا مي من أهليأقول، وقد طال التنائي ولبست ** أمور بنا أسباب شغل إلى الشغلألا لا أبالي الموت إن كان قبله ** لقاء بمي وارتجاع من الوصلإن موضوع الحب ليس سراً، فالشاعر يعلن حبه على الملأ ويبكي على مي حبيبته، فيبكي معه من يسمعه ويظلون يبكون ويذرفون الدموع ويتنهدون حزنا على ذلك الشاعر الذي يعاني من الحرمان ومن اليأس، ويتمنى الموت إذا كان سيسبقه لقاء مي واستعادة وصالها .إن العاشق الولهان لم يكتفي بترديد الشعر حول حبيبته بل ظل يحوم حول ديارها، ومعه أصحابه، على أمل أن يلتقي بها ويستعيد ذلك الحوار العذب الذي يشتاق إليه معها . ويروي أحد أصحابه قصة واحدة من تلك المحاولات عندما أتى إليه راغبا في استعارة واحدة من إبله، لا يتعرف على آثارها أحد من أهل مية ويركبان معا ناقة تسمى الجؤذر، حتى يقتربان من منزل مي فيتمهلان، ويراهما النساء فيخبرن مي بقدوم حبيبها، وتسعى إحداهن إلى عقد مجلس في بيتها ليجتمعوا به كلهم، وتطلب إلى الشاعر أن ينشدهن بعض أشعاره عن مي فيطلب من صاحبه أن ينشدهن إحدى قصائده :نظرت إلى أظعان مي كأنها ** ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبهفأسبلت العينان والصدر كاتم ** بمغرورق نمت عليه سواكبهبكى وامق حان الفراق ولم تجل ** جوائلها أسراره ومعاتبهويتكرر اللقاء، ومع تطور العلاقة يفكر ذو الرمة في خطبة مي لنفسه فيصارح أخاه هشام بذلك.ولكن الأخ الأكبر لم يتحمس كثيراً لفكرة الزواج ممن هي أرقى في السلم الاجتماعى.وكان للزواج مراسم ونفقات باهظة لا يقدر عليها فتى يتيم مثل ذو الرمة .وأصبح على الفتى العاشق أن يغترب بحثا عن المال، فلا حل أمامه سوى الارتحال إلى العراق ومدح الأمراء والحكام، كما كان كل الشعراء في عصره يفعلون، ليحصل على بعض المال.طالت غيبة ذي الرمة عن مي، وعن البادية ولم تكن في ذلك الوقت وسائل اتصال كالبريد والهاتف تبرد نار العاشقة أو تمنحها القوة والصبر وتجعلها تصر على الانتظار، مهما طال. والأهل لا يصبرون كثيرا على بناتهم، خصوصا إذا ما تقدم واحد من أبناء العم لخطبتها.يعود ذو الرمة بعد غيبة باحثا عن حبه القديم، ناشدا الوصل، ولكنه يجد أن ميًّا قد تزوجت من ابن عمها ورحلت عن البادية.تختفي عن ناظره، لكنها لاتبرح خياله لحظة ، حتى بعد أن يلتقي بامرأة أخرى تشغله بعض الشىء.وذو الرمة شاعر حقيقي هو غيلان بن عقبة بن بهيش بن مسعود، المولود عام 77 هـ لأب عدوي وأم أسدية.وقد اعتبره البعض واحداً من أهم شعراء العصر الأموى .وتقول الحكايات أن ذي الرمة صدم وحزن وهام على وجهه طويلا إلى أن التقى بإمرأة أخرى تدعى "خرقاء ".وفي غمرة من غمرات اليأس والحرمان والإحساس بالضياع خيل إليه أنها هي التي تسليه عن مية، وتنسيه غرامها وتعوضه عن حبه الضائع.فكيف التقى ذو الرمة بخرقاء ؟!يخبرنا كتاب " الأغاني " حكاية عن ذلك.فالشاعر الذي مازال مفتونا بحبيبته البدوية، يتوصل أخيراً إلى عنوانها الجديد .ثم يتحين ليلة حالكة الظلام لكي ينزل ضيفا على زوجها، يفعل ذلك وهو متنكر.على أن غفلة الزوج لم تستمر طويلاً، فسرعان ما أدرك الحيلة الماكرة، وفطن إلى أن الضيف المتنكر ما هو إلا ذو الرمة، عاشق مية قبل زواجها منه، وشاعرها الذي تتناقل الأفواه قصائد تشببه بها في كل أرجاء البادية .أسرع الزوج بطرد الشاعر العاشق من بيته، ملقياً حاجياته وراءه، تاركاً إياه في العراء.ولم يجد ذو الرمة وسيلة ليخفف بها على نفسه ما حدث سوى أن يتوقف أمام البيت، ويغني مردداً بيت شعر كان قد قاله في مي من قبل:أراجعة يا مي أيامنا الألى ** بذي الأثل أم لا ما لهن رجوعوسمع الزوج ذلك الغناء فثارت ثائرته وتساءل في غضب عن معنى الكلام، وما الذي يعنيه ذو الرمة بقوله " أيامنا الألى بذي الأثل "، وصرخ في زوجته مي، وطالبها بأن تقوم فتطرد ذا الرمة وتبعده عن المكان وإلا ضربها بالسيف.وفعلت مي ما أراد زوجها، فغضب ذو الرمة، ونهض إلى راحلته فركبها وانصرف، وقد ألى على نفسه أن يقطع صلته بمي تماماً، وأن يفعل ما بوسعه لكي ينساها.وظل يسير على غير هدى حتى وصل إلى مكان ينزل به أهل خرقاء وتعرف إليها، وأعجبه فقال فيها الشعر.وهذه كل الحكاية.
هدى
08-02-2005, 03:50
الخاتمةفي ظل تلك العفة وذلك الطهر قضى العذريون حياتهم يعانون حرماناً شديدا، وهو حرمان كانت تزيد من حدته تلك العقبات التي كانت تعترض دائماً طريق حبهم، وتحول دون تحقق الأمل المشروع الذي كان أمنية تراود نفس كل واحد منهم.وعلى قسوة هذا الحرمان لم يفكر العذريون في السلو والنسيان أو التماس المتعة في حب جديد، بل ربما كان غريباً أن دفعهم هذا الحرمان إلى التشبث بالأمل الضائع، والوفاء للحب اليائس، وترويض النفس علىالرضا والصبر، مؤمنين جميعاً بفكرة هذا البيت الذي ينسب مرة لقيس بن ذريح ومرة لقيس بن الملوح:وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ** يظنان كل الظن أن لا تلاقياوفي ظل هذه الحياة عاش العذريون في صراع لا تهدأ ناره، ولا يخمد لهيبه، بين العالم الواقعي العملي الذي يعيشون فيه، والعالم المثالي النظري الذي يعيشون له.معظم القصص جاءت في إطارها العام على الشكل التالي :شاب يحب ابنة عمه في أكثر الأحيان، وقد يحب فتاة من غير قبيلته في بعض الأحيان.ثم يطلب يدها من أهلها فتقف عقبة من العقبات في طريقه، وقد يتحقق أمله.ثم تنشأ عقبات تفرق بينهما، فيعيش بقية حياته وقد سيطر عليه خيال محبوبته سيطرة لا يملك معها خلاصاً أو فكاكا، فلا يجد أمامه إلا الشعر ينفس فيه ملء صدره ليخفف عن نفسه بعض ما تنوء به من الحرمان اليائس الذي يعانيه، والخيال الواهم الذي يعيش فيه، والأمل الحالم الذي يعيش له، والأحزان السود التي تستبد به، والحنين الجارف الذي يملأ عليه أرجاء نفسه. ووسط هذا الخضم المتلاطم من الآمال يحيا العاشق وكأنه ضائع في هذه الحياة، أو كأنه في حلم عميق مسيطر على مشاعره، متمسكا بحبه الضائع، متشبثا بمحبوبته التي أبت الحياة أن تحقق أمله فيها، ولا يدفعه شعوره بالحرمان واليأس إلى السلو والنسيان أو التماس السعادة في حب جديد، لأنه يرى في محبوبته مثله الأعلى في الحياة.وإذا كان الواقع قد حال بينهما ففي عالم الأحلام والأوهام مجال لحياة لا يحول بينهما فيها حائل، ولا تملك أية قوة في الأرض أن تفرق بينهما. ثم تكون النهاية مأساة حزينة في أكثر الأحيان، نرى فيها العاشق مشردا في الصحراء، يلعب به الحب في أرجائها فلا تعرف مذاهبه، أو نراه وقد استبد به الحب، وسيطر على مشاعره، حتى اضطربت أعصابه، واختلط عقله، أو نراه معتلا مدنفا أضناه الوجد، وأسقمه الحنين، وأذواه الحرمان.وقد تكون النهاية في بعض الأحيان على غير هذه الصورة الحزينة، نرى فيها العاشق وقد تمالك نفسه بعد ضياع الأمل من يديه، واستطاع أن يتجلد للصدمة العنيفة التي حلت به، ولكن خيال محبوبته البعيدة لا يفارقه، وذكريات حبها بكل ما فيها من نعيم وشقاء، ومن وصل وهجر، ومن أمل ويأس، تعيش معه في قلبه الذي بين جنبيه، يداريها حينا، ويصرح بها في أكثر الأحيان شعرا يفيض حزنا، ويقطر لوعة، ويسيل دموعا، ويذوب حسرات. ثم ينتهى الأجل المكتوب، ويسدل الستار على المأساة الحزينة الباكية.
روعة
08-02-2005, 04:07
http://www.ashog.com/images/star6.gifلك بدها جلسة وعزومة نسكافيه كبيره عشين نكمل بقية القصص هدى ولا انت شايفه غير هيك http://www.ashog.com/images/star6.gif
هدى
10-02-2005, 03:07
هههههههههههه تسلمي يا روعة والله معكبس أنا عن نفسي وضعت قلمي عن هالقصصخلاص القصص اللي عندي كلها كتبتها على الله تكون أفادت من يؤمن بالحب ههههههههههلو في عندك قصص غيرها اكتبيها ولو حتى قصص واقعية وحديثةمثل قصتك مثلاشو رايك روعة ؟
عبد الوهاب
13-02-2005, 11:34
الحب دائما جميل مهما كان و عند اليونانيون القداما الحب جميل أنه أبن الجمال لأن إله الحب فناديس هو إبن إله الجمال
هدى
19-02-2005, 01:45
كلام جميل يا عبد الوهاب
alan
20-04-2005, 05:50ا
:موضوع جميل لكن ليش بس حاطة قصص حب عذري لعشاق عرب ليش ما تخلي هالموضوع شامل لأكثر من شعب مثل الأكراد - السريان- بعض قصص الحب الأجنبية وانشاء الله رح اضيف - بعد اذنك - قصة حب رائعة من التراث الكرديملاحظة : هذا التعليق مانو من وجهة نظر عنصرية بس مشان يكون موضوعك أكثر فائدة للثقافة الشخصية للأعضاء مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو رة:a_smile_g آلان الكردي :a_smile_g