الأحد، ١٨ فبراير ٢٠٠٧

الذين قالوا للدنيا: لا بأس


لا تخف من شيء أو من أحد.. فلا شيء يقتل الأحياء مرتين إلا الخوف.. فالذي يأكل ويموت في جلده من نتائج الطعام.. لا يأكل حقيقة، وإنما يضع في بطنه السم ثم يشكو من المغص.
ثم قل ما في نفسك ولا تخف. فلا أحد يسيء الظن بك.
والذي يقول ما لا يعني، كذاب جبان تماما كالذي يبتلع السمَّ ويتوجع بعد ذلك.. وينسى أنه هو الذي اختار السم طعاما والخوف شرابا..
وإذا قررت أن تعيش فكن شجاعا. وإذا قررت أن تختصر هذه الحياة وتنتحر، ويكون انتحارك نوعا من الاحتجاج على تفاهة الحياة، فأنت حر. ولذلك لا داعي لأن تشكو من الحياة: لأن الذي يشكو هو الذي يريدها أن تكون أفضل.. أي الذي يريد الحياة ويريد أن يبقى حيا.. ولكن الذي قرر أن يمضي في هذه الحياة حتى النهاية هو الذي يجب أن تكون عنده الشجاعة في أن يقبلها ويعمل على تحسينها، أي يحسن حياته هو وأن يشترك مع الآخرين في جعل الحياة أحسن للجميع.
ومن مظاهر الاحتجاج على هذه الحياة، ألا يكون لك فيها ولد ولا بنت.. أي أنك تكتفي بنصيبك أو مصيبتك من هذه الحياة.
فأنت إذن تمشي في هذه الحياة على رجل واحدة.. فأنت تقبلها إلى حد ما.. وترفضها إلى حد ما.. وأنت راض عنها بعض الرضا.. ثم انك لست أنانياً وإلا كنت أتيت إليها بأولاد يضيقون بها، مثلما أنت ضائق بها، ولكنك آثرت أن تنفرد أنت بالعذاب والشقاء.. وان توفر ذلك على أولادك.. فلا بأس أن يفعل الإنسان ذلك..
فالذين كفروا بالحياة هم الذين قالوا لها: لا.. والذين أقبلوا عليها بأولادهم هم الذين قالوا عنها: نعم..
أما الذين ليس لهم فيها ولد أو أب أو أم أو أخ أو أخت.. وهم أسعد الناس حقا، فهم الذين قالوا للحياة: ربما.. لعل.. يجوز أنت خير ويجوز أنت شر!!
ويبكي كثيرا من يملك كثيرا.. ولا يبكي مطلقا من لا يملك في الدنيا شيئا..
أما الذين تحار الدموع في عيونهم فهم الذين يملكون القليل.. إنهم الذين قالوا لكل شيء: لا بأس!

ليست هناك تعليقات: